فلسطين أون لاين

​قص "السلك" مهمة حساسة ينفذها الشباب الثائرون بنجاح

...
صورة أرشيفية
غزة / خضر عبد العال:

بجرأة عالية تقدّم زكريا أحمد (اسم مستعار لشاب يبلغ 27 عامًا)، يرافقه شبّان، نحو طبقات السلك الشائك في موقع ملكة شرق غزة، معه "قطّاعة"، في حين يحمل زميله "خطّافًا"، ويمسك الآخرون "حبلًا" متينًا لسحب هذا السلك، الذي نصبه الاحتلال الإسرائيلي داخل أراضي قطاع غزة قبيل بدء مسيرات العودة في آذار (مارس) 2018، ليضاف إلى السياج الفاصل بين القطاع وفلسطين المحتلة سنة 1948م.

تحت ستار أعمدة الدخان الأسود المتصاعدة من إطارات السيارات المشتعلة (الكاوتشوك)، دنا أحمد من السلك وبدأ يقصه ليفتح المجال أمام زميله الآخر كي يربط "خطّافه" بالسلك، ليتسنى للآخرين سحبه نحو مخيم العودة وإتمام مهمة الوحدة، حسبما يروى أحمد لصحيفة "فلسطين".

ووحدة "قص السلك" واحدة من الوحدات التي تمسك بزمام مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلميّة، وهي تعمل على قص هذا السلك الذي يضعه الاحتلال أمام المحتجين السلميين.

ويبعد السلك الشائك نحو 30 مترًا عن السلك الإلكتروني، المقام على قواعد أسمنتية في بطن الأرض، ويرتفعنحو أربعة أمتار.

ويقول أحمد: "عملنا في هذه الوحدة قص السلك الشائك بأدواتنا السلميّة البسيطة، وإزالته من طريق المحتجين الثائرين، في عمل متكامل مع وحدة "الكاوتشوك" التي تعمل على حجب رؤية عناصر وحدتنا عن قناصة الاحتلال".

ويوضح أن أفراد هذه الوحدة يوجدون يوميًّا في مخيمات العودة ويراقبون المكان والأعمال التي يجريها الاحتلال هناك، مشيرًا إلى أن "قص السلك" مهمة تنفذها الوحدة كل يوم جمعة في جولات "كر وفر" مع جنود الاحتلال حتى تتمكن من قص أجزاء من السلك وسحبه.

وفي بعض الأحيان، يبث الاحتلال تحذيرات للمتظاهرين عبر أجهزة صوت ضخمة موجهة نحو المناطق الشرقية للقطاع من الاقتراب نحو السلك، مهددًا بفتح النار عليهم، يعلق أحمد على ذلك بالقول: "لا نخاف الاحتلال؛ لأن هذا وطننا، ويجب أن يرحل هو عنه، وتهديداته لن تمنعنا من قص السلك وإسقاطه نهائيًّا من أراضينا المحتلة".

ويؤكد أنه رغم تعمد الاحتلال استهداف عناصر الوحدة عملهم متواصل حتى تحقيق أهداف مسيرات العودة وكسر الحصار؛ فهي إحدى أدواتها، وفق قوله.

حلول وأدوات

أما مراد سالم (اسم مستعار لشاب يبلغ 26 عامًا) ينشط في مخيم العودة شرق جباليا، شمالي القطاع.

ويقول هذا الشاب بعدما ضمّد الجرح في يده اليسرى: "يدي ورجلي وكلي فداء تراب فلسطين، هذه إصابة بسيطة، فقد أصبت عدة مرات برصاص الاحتلال المطاط والمعدني، وبعدما أتعافى أرجع لعملي في الوحدة".

ويضيف سالم لصحيفة "فلسطين": "في مساء كل خميس نجهز أدواتنا التي نستخدمها من قطاعات وحبال، وحجارة، وبصل وكمامات، وأكياس نايلون، ثم نأتي مع بدء فعاليات المسيرة، نوزع ما جهزناه ونباشر العمل".

وينفي إمكانية إعاقة قنابل الغاز المسيل للدموع التي تطلقها قوات الاحتلال بكثافة على المتظاهرين، عمل الوحدة: "إحنا ملناش حل (أذكياء)، ولدينا كمامات البصل، وأكياس النايلون، وما إن يطلق الاحتلال قنابله الغازية يرتدي الشباب الأكياس في رؤوسهم مع ترك حيز للتنفس".

ويشير إلى أن إحدى الوسائل التي يحمي بها أفراد هذه الوحدة الناس من قنابل الغاز هي الإمساك بها، وإعادة قذفها على جنود الاحتلال مرة أخرى.

وتطالب مسيرة العودة التي انطلقت في 30 آذار (مارس) 2018م بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم المحتلة منذ 1948م، وأيضًا بكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ 13 سنة.

وأدى استخدام الاحتلال الإسرائيلي العنف بحق المشاركين في المسيرة السلمية إلى استشهاد وإصابة الآلاف، منهم مسعفون وصحفيون وأطفال.