فلسطين أون لاين

قوة الاستقرار الدولية لغزة.. مهمة التشكيل تتعقد أمام تنازع المهام والصلاحيات

...
دمار كبير خلفه قصف الاحتلال على قطاع غزة خلال حرب الإبادة الجماعية
غزة/ علي البطة

بين رغبة نتنياهو في تشكيل "قوة تنفيذية" لفرض نزع السلاح من المقاومة، ورفض الدول المشاركة لأي دور يتجاوز مراقبة وقف إطلاق النار وحماية الفلسطينيين، تتزايد التساؤلات حول قدرة واشنطن على تشكيل قوة لحفظ وقف إطلاق النار والفصل بين الجانبين.

هذه التحركات الأمريكية لتشكيل القوة الدولية، وإرسالها إلى قطاع غزة تأتي بعد إقرار مشروع القرار في مجلس الأمن، ما يعكس تصميم إدارة ترامب على تسجيل إنجاز في الملف الفلسطيني، وسط تعقيدات سياسية وقانونية ودولية تحيط بمهمة القوة.

يستبعد د. رائد نعيرات، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح، أن تشكل قوة تنفيذية تكون مهمتها نزع سلاح المقاومة، لأن ذلك غير قانوني وغير مقبول لسببين رئيسيين. أولا، روسيا والصين أعربتا عن رفضهما للمشروع الأمريكي في مجلس الأمن، وثانيا، هناك رفض من الدول التي من المفترض أن تكون عماد القوة، مثل تركيا وأذربيجان وإندونيسيا، لأن تكون مهمتها نزع سلاح المقاومة الفلسطينية.

ويضيف نعيرات لـ "فلسطين أون لاين"، أن الدول المشاركة تريد أن تقتصر مهام القوة على حماية الشعب الفلسطيني ومنع اندلاع الحرب مرة أخرى، بينما إسرائيل ترغب في استغلال القوة لتكون بديلا عن الاحتلال.

 كما يشير إلى أن تجارب نزع السلاح في أيرلندا وموزمبيق والبوسنة أظهرت أن نجاحها مرتبط بوجود مشروع سياسي طويل الأمد، وهو موجود في الحالة الفلسطينية.

تعقيدات القوة الدولية

ويذهب الخبير في الشؤون العسكرية والإستراتيجية نضال أبو زيد، إلى أن الرؤية حول صلاحيات القوة الدولية لم تتضح بعد، سواء وفق الفصل السادس أو السابع من ميثاق الأمم المتحدة، أي هل ستكون قوة لفرض السلام أم لحفظه فقط. هذا الغموض أدى إلى انسحاب بعض الدول من المشاركة، مثل أذربيجان، بينما أعلنت إندونيسيا استعدادها للمشاركة بـ1500 جندي، لكنها ستبدأ بقوة استطلاع صغيرة لتقييم شكل المهمة.

ويشير إلى أن زيارة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لواشنطن ولقاؤه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ستحدد بشكل كبير طبيعة القوة. بحسب أبو زيد، يبدو أن ترامب يصر على وجود القوة الدولية لتحقيق انجاز له، بينما إسرائيل تتمسك بأن تكون القوة لنزع سلاح المقاومة.

خلافات حول صلاحيات القوة

ويقول الخبير العسكري، إن نتنياهو يسعى إلى أن تكون القوة الدولية تحت البند السابع لتتمكن من تنفيذ عمليات نزع السلاح من المقاومة وفق مبدأ نزع السلاح "DDR" . لكن حتى الآن، لم تحدد مهام القوة وصلاحياتها بشكل دقيق، وهو ما يرفضه أغلب الدول المشاركة المحتملة، خوفا من الانخراط في مواجهة مباشرة مع الفلسطينيين.

وبحسب أبو زيد، تشير المؤشرات إلى أن الخيار المرجح لدى الجانب الأمريكي هو أن يكون قوام القوة تركية مع قيادة من جنرال أمريكي. بينما إسرائيل تسعى لتحديد التعليمات والمهام بدقة، في حين ترغب الدول الأخرى أن تقتصر مهام القوة على حماية الفلسطينيين ومراقبة وقف إطلاق النار.

يؤكد أبو زيد لـ "فلسطين أون لاين"، أن إسرائيل تريد القوة لتعمل تحت الفصل السابع، بحيث تكون قادرة على نزع السلاح، بينما تميل تركيا إلى تحويلها لقوة شرطية تشمل عناصر من الشرطة الفلسطينية، لتكون على الخط الأزرق ومراقبة الانتهاكات. إسرائيل، بحسب أبو زيد، تفضل وجود القوة دون تحديد مهام، إذ يتيح لها ذلك حرية أكبر على الأرض دون مراقبة مباشرة.

ويعرب ابو زيد عن خشيته من أن تتحول القوة من مراقبة وقف إطلاق النار إلى قوة تنفيذية، ما يشبه ما حدث في أفغانستان مع قوة ISAF العسكرية الدولية. على الرغم من تسمية القوة الجديدة بـISFD (القوة الأمنية الدولية الاستشارية)، إلا أن واقع الأرض قد يحولها إلى قوة قتالية، وهو ما يثير المخاوف الدولية.

بدورها شددت حماس على لسان رئيس الحركة في غزة د. خليل الحية، على أن مهمة القوة يجب أن تقتصر على حفظ وقف إطلاق النار والفصل بين الجانبين على حدود القطاع، دون التدخل في الشؤون الداخلية للقطاع.

هذا الموقف يربط بين ما أكده الخبراء من رفض معظم الدول تحويل القوة الدولية إلى قوة نزع سلاح، وبين الحاجة إلى حماية المواطنين ومراقبة التزام الاحتلال الإسرائيلي باتفاق وقف النار.

ومن المنتظر أن يعقد اجتماع في العاصمة القطرية اليوم، بمشاركة الولايات المتحدة وعدد من الدول، لمناقشة التفاصيل المتعلقة بالقوة الدولية. ويهدف الاجتماع إلى بحث هيكل القيادة، ومهام القوة، وصلاحياتها، وسط توقعات بمشاركة أكثر من 25 دولة ممثلة في هذا الاجتماع، وفق ما أوردته وكالة "رويترز".

ويشير أبو زيد إلى أن اجتماع الدوحة قد يكون خطوة حاسمة في صياغة مفهوم القوة الدولية، بحيث تعمل تحت غطاء أممي وتمويل عربي، بما يضمن الالتزام بوقف إطلاق النار وتجنب الانتهاكات الإسرائيلية، ويتيح لترامب تسجيل إنجاز في الملف قبل نهاية السنة الجارية.

صعوبة التوافق الدولي

ويوضح أن التحدي الأكبر أمام تشكيل القوة يبقى هو التوافق الدولي على مهامها وصلاحياتها. مشيرا إلى رفض العديد من الدول المشاركة في القوة إلا بعد وجود تشريع أممي واضح، يضمن أن تكون مهمتها مراقبة وقف إطلاق النار وحماية المدنيين دون الانخراط في أعمال قتالية مباشرة.

ويشير نعيرات وأبو زيد إلى أن أي قوة تعمل دون غطاء أممي قد تواجه رفضا واسعا، خاصة من الدول الكبرى في مجلس الأمن ودول العالم التي أدانت جرائم الابادة الإسرائيلية، ما يعقد جهود واشنطن لتشكيل قوة استقرار دولية في غزة وفق قرار مجلس الامن.

المصدر / فلسطين أون لاين