فلسطين أون لاين

​الحراك الشعبي لاسترداد جثامين الشهداء.. "بيت سيرا" نموذجًا

...
صورة أرشيفية
رام الله/ محمد القيق:

لا تقتصر الدعوات الفلسطينية إلى إخراج الأسرى الأحياء من سجون الاحتلال الإسرائيلي، بل تعدت ذلك بإخراج الشهداء من الثلاجات ومقابر الأرقام السرية؛ ليتسنى لذويهم دفنهم وفق الشريعة الإسلامية.

وتتعمد حكومة الاحتلال وأجهزتها الأمنية، فرض سلسلة عقوبات بحق الشهداء وذويهم؛ كهدم المنازل، وسحب تصاريح العمل، واحتجاز الجثامين، في محاولة منها لوأد العمل الفلسطيني المقاوم.

واستيقظ أهالي قرية بيت سيرا قضاء رام الله والبرة، الاثنين الماضي على جريمة جديدة أفقدتهم واحدا من خيرة شبابها الشهيد يوسف عنقاوي الذى ارتقى مع صديقه الشهيد أمير دراج، وإصابة صديقهم الأسير هيثم علقاوي، بعد إطلاق جنود الاحتلال الرصاص المكثف على مركبتهما؛ بزعم محاولتهما تنفيذ عملية دهس.

وقال رئيس مجلس قروي بيت سيرا حامد حمدان، إن قوات الاحتلال قامت بإخراج الشهيدين من مركبتهما بعد إطلاق أكثر من ٥٠ رصاصة صوبهما، وجردهما الجنود من ملابسهما وأبقوهما ينزفان لعدة ساعات حتى ارتقيا شهيدين.

وأضاف حمدان لصحيفة "فلسطين" أن جنود الاحتلال استجلبوا جرافة قامت بتغطية دماء الشهداء بالرمل والتراب في محاولة لإخفاء الجريمة، بل قاموا بمصادرة آلات المراقبة في المنطقة.

وأشار إلى أن الأمر الأخطر في ذلك هو سرقة الجثمانين، حيث تم أخذهما واعتقال المصاب ولا أحد يعلم عنهم شيئا حتى الآن، ولا يستجيب الاحتلال لنداءات الأهالي بتسليم الجثامين، وهو الأمر الذي دفع أهالي القرية لاتباع وسيلة الضغط الشعبي.

وتابع: نحن نتبع استراتيجية الضغط الشعبي من أجل الإفراج عن الجثامين.

وتوعد الحراك الشعبي في قرية بيت سيرا بالمسيرات الجماهيرية، والحشود اليومية في محيط منزلي الشهيدين للمطالبة بتسليم جثمانيهما، إضافة إلى مسيرة جماهيرية خرجت يوم الجمعة الماضي والاشتباك مع جنود الاحتلال.

ووصف حمدان قرية بيت سيرا بالمنطقة الحساسة التي يخشى الاحتلال أي تحرك من أهاليها؛ لا سيما أنه يقيم الجدار العنصري على أراضيها، وهناك مستوطنة واسعة ومحاذية لشارع استيطاني رئيس (٤٤٣) ويخشى الاحتلال على مركبات المستوطنين التي تمر عليه من أي تحرك شعبي.

وأشار رئيس مجلس قروي بيت سيرا إلى أن الشبان وخلال المواجهات نجحوا في إزالة جزء من السياج الشائك الذي يحمي حدود المستوطنة، فأصبحت منازل المستوطنين على مرمى أيدي الشبان؛ وبعدها قام الجنود بقمعهم بكل الوسائل ما أدى إلى إصابة العشرات بجروح وحالات اختناق.

وتابع حمدان: استطاع الأهالي إيصال الرعب للاحتلال وهذا كان المطلوب وحققنا نوعا من الضغط الجماهيري؛ عليه لإيصال رسالة مفادها أن الشهيدين لا يمكن أن يبقى جثمانيهما محتجزة، كما أننا سنواصل العمل بهذه الطريقة من أجل الاستمرار حتى الإفراج عنهما.

ولا يغفل حمدان الجانب القانوني في هذه القضية؛ حيث تواصل العائلات خطواتها ضد سياسة الاحتلال اللا إنسانية، غير أن محاكم الاحتلال تتعمد المماطلة والتأجيل في طلب الأهالي.

واستطرد حمدان: "لا نريد أن نبقى ضحية لهوس الاحتلال كلما رأى شبانا اقتربوا لأي سبب من الجنود وآلياته قام بفتح النار صوبهم وقتلهم؛ هذه ليست حوادث بل هي جرائم تنفذ ضد أبرياء وعمال وطلبة مدارس".

وسبق أن نفذ أهالي شهداء انتفاضة القدس التي انطلقت في أكتوبر/ تشرين الأول 2015م، الكثير من الفعاليات، لكن الحراك الأول بدأ منذ ثلاث سنوات هو الذي قام به أهالي مدينة الخليل للمطالبة باسترداد جثامين عدد من الشهداء الذين ارتقوا في بداية الانتفاضة.

وقال والد الشهيدين دانية وعدي ارشيد، إن الاحتلال قتل ابنته قرب الحرم الإبراهيمي الشريف واحتجز جثمانها لأسابيع، وهو أمر أثر في العائلة بشكل كبير.

وأضاف ارشيد لصحيفة "فلسطين" أن عائلات الخليل رفضت هذا الظلم فانتفضت وخرجت في مسيرة ضخمة كادت أن تخترق حاجز منطقة باب الزاوية في أكتوبر من عام ٢٠١٥، ما شكل ضغطا كبيرا على الاحتلال الذي رضخ لمطالب الأهالي وسلم الجثامين بعد المسيرة بأيام قليلة.

وأشار إلى أن الحراك الشعبي مهم جدا في هذه القضية لأن محاكم الاحتلال تتلاعب بمشاعر أهالي الشهداء، وتحاول الالتفاف على حقهم الشرعي والبسيط تماشيا مع سياسة المخابرات الإسرائيلية.