لا يبدو أن حركة التهدئة بحسب ما تقرر في الوساطة المصرية قبل أشهر ستسير على ما يرام في ظل الانتخابات الإسرائيلية المحتدمة. نعم حماس لا تتدخل في الانتخابات الإسرائيلية، والسلطة لا تتدخل أيضا فيها، ومع ذلك فإن واقع غزة، والضفة، هو جزء أساس من برامج الأحزاب المتنافسة. الشعارات الانتخابية تتجه عادة نحو تشديد القبضة الحديدية على غزة، واستخدام التهديدات العسكرية أداة لجلب أصوات الناخبين في مجتمع صهيوني يميني متطرف.
مجتمع اليمين واليمين المتطرف يبدي بعض الارتياح لنتائج استطلاع الرأي على الرغم من إمكانية حصول تحالف غانتس لبيد على 37 مقعدا، في مقابل (30-32) لليكود، وذلك لأن يسار الوسط (لبيد وغانتس) يحتاج إلى أصوات أحزاب من اليمين أو المتدينين لكي يجمع 61 صوتا لتشكيل الحكومة القادمة، وهذا قد لا يحصل بسبب رفض هذه الأحزاب للتحالف مع يسار الوسط، هذ ومن الصعب أن يتجه يسار الوسط للأحزاب العربية لكي يحقق الأغلبية.
الانتخابات ربما لن تأتي بجديد لغزة، وللسلطة أيضا، فإن حماس في غزة ومعها فصائل المقاومة الأخرى، لا ينتظرون نتائج الانتخابات، ومن حقها أن تمارس مقاومتها من أجل رفع الحصار عن غزة، وإلزام حكومة الاحتلال بتنفيذ تفاهمات التهدئة، ومنها تجديد دفع الأموال القطرية، وإشراف وكالة الغوث على تنفيذ مشاريع تحسين الأوضاع بغزة، بقيمة 300 مليون دولار.
إذا كان دور الوساطة المصرية مطمئنا، فإن سياسة العدو ومناوراته ليست مطمئنة وتبعث على القلق، لا سيما في ظل الهجمات الصاروخية التي يقوم بها الجيش ضد أهداف في غزة، وفي ظل التعامل العنيف مع المظاهرات المدنية على الحدود الشرقية لغزة.
العدو يريد كل شيء باسم الانتخابات، ولا يريد أن يدفع شيئا، وهذا ليس مقبولا على حماس وفصائل المقاومة، وعليه فإننا في غزة نجد أنفسنا في ساحة تزداد سخونة واحتقانا كلما اقتربنا من الانتخابات الإسرائيلية، وكأن دماء غزة هي ثمن الفوز في الانتخابات، ولا أحسب أن هناك مواطنا فلسطينيا يقبل بهذا أبدا؟! الدم الفلسطيني أغلى من أن يكون ورقة انتخابية، والمقاومة حق وطني للفلسطينيين في كل الأوقات، ومصالح فلسطين هي التي تقرر المناسب.