فلسطين أون لاين

​"قرارك من رأسك" احتفظ بهذا الحق داخل أسرتك

...
يجب إشراك الزوجة حتى الأبناء في اتخاذ القرار
غزة/ نبيل سنونو:

اتخذ محمد الصفدي (وهو شاب ثلاثيني من غزة) موقفًا سريعًا من مبدأ التشاور بين الرجل وأفراد أسرته، قائلاً وهو في طريقه إلى تأدية مهامه اليومية وسط المدينة: "أغلب المسائل فيها تشاور"، لكنه يفتح بذلك الباب أمام أمور أخرى قد لا تحظى بهذا التشاور.

يضرب الصفدي الذي يعمل مهندسًا للحاسوب مثلاً على التشاور مع زوجته التي اقترن بها منذ 13 عامًا: "قبل أن أذهب إلى السوق أسألها عما تريد طبخه خلال المدة القادمة".

وتشمل المشاورات أيضًا كما يقول لصحيفة "فلسطين" أمورًا كالتحاق الأولاد بدورة تعليمية، وغير ذلك.

لكن ثمة ما يتخذ الصفدي بشأنه قرارًا انفراديًّا عندما يتعلق الأمر بالقدرة المالية، يفسر: "عندما تريد شراء شيء لا يتوافق مع القدرة المالية لا يكون هناك تشاور في هذا الموضوع".

ويلجأ الغزي شريف أبو ناجي بدوره إلى التشاور متى استدعت طبيعة القرار ذلك، يقول: "أشاور، وأحيانًا أتخذ القرار من رأسي".

ويمثل على القرارات التي لا يشاور فيها بقوله لصحيفة "فلسطين": "مثلًا شخص لا أريد استقباله أتخذ القرار في ذلك بنفسي".

أما المسائل الأخرى كتلك المتعلقة بشؤون الطبخ وترتيب البيت فهو يوكلها إلى زوجته، التي يدرك أنها صاحبة الاختيار فيها، لكونها تمكث في المنزل مدة أطول منه، في حين يخرج هو إلى العمل.

ويمثل أسلوب تربية الأولاد كما يؤكد أبو ناجي (36 عامًا) أمرًا ملحًّا يستدعي التشارك بين الزوج وزوجته، لتحقيق التكامل.

ويشير أبو ناجي المتزوج منذ 16 عامًا إلى أن التشاور بين الرجل وزوجته يعود على الأسرة بالفائدة، ويولد الاحترام والحب بين أفرادها.

ويُذكِّر بضرورة احترام الرجل زوجته التي لها مكانة كتلك التي يحب أن تحظى بها أخته عند زوجها، قائلاً: "ما لا ترضه لنفسك فلا ترضه للناس".

"مملكة المرأة"

"لا طبعًا، المنزل هو مملكة المدام" سارع إيهاب أبو طاحون الذي يعكس شعره الأبيض خبرته في الحياة إلى إطلاق هذه الكلمات؛ ردًّا على سؤال: "هل تشاور زوجتك أم تتخذ القرارات منفردًا في شؤون المنزل؟".

أبو طاحون غزي متزوج منذ 25 عامًا ولديه تسعة أحفاد، يقول لصحيفة "فلسطين": "لابد أن تكون هناك مشاورة قبل اتخاذ القرارات، وأحيانًا يكون رأي المرأة هو الصائب بصراحة".

ولفت إلى أن راحة الزوجة هي السبيل إلى راحة زوجها الذي يحب أن يجد طلباته واحتياجاته اليومية متوافرة، ويجب عليه بالمقابل الالتزام بتوفير متطلبات المنزل.

"ويبلغ التشاور ذروته في مواضيع ذات صلة باستقبال الضيوف، أو عمل وليمة، أو تغيير ديكور المنزل، وما شابه"، والكلام لا يزال لـ"أبو طاحون" الذي يعمل خياطًا.

أما الحالات الاستثنائية التي يتصرف فيها دون مقدمات يعبر عنها بقوله: "لو لاحظت أن هناك شيئًا سلبيًّا في المنزل أتخذ القرار وحدي، مثلًا فيما يتعلق بتربية الأطفال، لو كان ابني مخطئًا وهي تداري عليه".

لكن القناعة الأساسية التي يرسخها أبو طاحون تقول: "التشاور كله إيجابيات"، ويحذر من سلبيات غياب الشراكة في إدارة الأسرة، التي قد تتمثل في تذمر الطرفين، وغير ذلك.

أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الإسلامية د. وليد شبير يؤكد من ناحيته أهمية إشراك الزوجة حتى الأبناء في اتخاذ القرار، لاسيما إذا كان يخصهم.

وفي "دردشة" مع صحيفة "فلسطين" ينبه شبير إلى أن الرجل قد يتخذ قرارًا يخص زوجته أو أبناءه ويكون ظالمًا لهم، ومن هنا تجب المشورة.

ويسوق شبير مثلاً على ذلك، بأن يقرر الزوج الخروج في نزهة دون تشاور مع زوجته التي قد تكون مريضة ويرهقها ذلك.

ويرى الخبير في علم الاجتماع أنه يتعين على الرجل إشراك أسرته في كل القرارات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية حتى الترفيهية، مؤكدا أن ذلك سيضفي السعادةوالراحة على هذه الأسرة.

لكن بعض الرجال يتذرعون بوصف يطلقونه على المجتمع بأنه "ذكوري" ليتهربوا من الشراكة في اتخاذ القرار، ما ينعكس سلبًا على أسرهم ويهدد بالتفكك الأسري والمنازعات، وينشئ ما يشبه "ديكتاتورية".

ويخلص شبير وسابقوه إلى أن القرار الذي يجب أن يكون من رأس الزوج هو قرار تطبيق المشورة في الأسرة، وليس قرار التصرف انفراديًّا، لكون ذلك حقًّا له ولزوجته وأبنائهما.