فلسطين أون لاين

​النوافل.. الوصفة السحرية لصلاح الأبناء وحفظهم

...
غزة- هدى الدلو:

المشروع الناجح في الحياة هم الأبناء، ولكن نجاح هذا المشروع يتمثل في ما أخبر به الصحابي عبد الله بن مسعود عندما كان يصلي في الليل وابنه الصغير نائم فينظر إليه قائلًا: "من أجلك يا بني"، ويتلو وهو يبكي قوله تعالى: "وكان أبوهما صالحًا"، وأيضًا عن سعيد بن المسيب أنه كلما أراد أن يصلي قيام الليل نظر إلى ابنه فقال: "إني أزيد في صلاتي ليصلحك الله وليحفظك الله ثم يبكي وهو يتلو الآية السابقة، فالله سبحانه وتعالى جعل لنا في أبنائنا وذرياتنا قرة أعين، وأمرنا أن نحافظ عليهم ولا نهدر حقوقهم، ولهذا جعلهم أمانة في أعناقنا، فهل النوافل الطريق نحو صلاح الأبناء؟

العضو الاستشاري في رابطة علماء فلسطين أحمد زمارة قال: "لأن أبناءنا هم رياحين الحياة وفلذات الأكباد فقد أوصى الله تعالى الأبوين بهم خيرا، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحسن رعايتهم وتأديبهم ورحمتهم فقال صلى الله عليه وسلم مبينًا من هو خير الناس: "خيركم خيركم لأهله"، وأعظم ألوان الخير لأفراد الأسرة حسن الرعاية والتأديب".

وذكر قول الأحنف بن قيس يعظ معاوية في فضل الولد: "يا أمير المؤمنين هم ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم أرض ذليلة وسماء ظليلة وبهم نصول على كل جليلة فإن طلبوا فأعطهم وإن غضبوا فأرضهم يمنحوك ودهم ويحبوك جهدهم".

وأوضح أن عليه الصلاة والسلام ربط صلة الأبناء بالله تعالى في سن الطفولة المبكرة – عند سن السابعة־ لأن ذلك أدعى أن يشب الأولاد على محبة الله والحرص على الصلاة، وإدراك أسرارها وفضائلها الكثيرة، ومن أدعية المؤمن: "رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً".

وأضاف زمارة: "فقد طالبنا الرسول بأداء النوافل والمستحبات في المنزل، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "إذا قضى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيباً من صلاته، فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيراً"، لأنه إذا كان الوالد قدوة صالحة لأبنائه، وعلاقته بالله قوية، فإن الله يحفظ له أبناءه وأحفاده، كقصة سورة الكهف, حفظ الله الكنز للوالدين بصلاح جدهما السابع".

وسرد قَوله تَعَالى: "وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا"، وقد فسرها البعض بأن "فِيهِ إِرْشَادا لِلآبَاءِ الذِينَ يَخْشَونَ تَرْكَ ذُرِّيةٍ ضِعَافٍ أَنْ يَتَّقُوا اللهَ في سَائِرِ شُؤُوْنِهِم حَتَّى تُحْفَظَ أَبْنَاؤُهُم وَتُغَاثَ بِالعِنَايَةِ مِنْهُ تَعَالى، وَفِيه تَهْدِيدٌ بِضَيَاعِ أَوْلَادِهِمْ إِنْ فَقَدُوا تَقْوَى اللهِ تَعَالى، وإِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ تَقَوَى الأُصُولِ تَحْفَظُ الفُرُوعَ".

ولفت إلى أن صلاح الأب لا يتوقف أثره على الابن القريب، بل يتعدى إلى ذرية الأبناء وإن نزلوا، وذلك منة من الله تعالى عليه وعليهم، وكرمًا وفضلًا، وقَالَ ابنُ كَثِيرٍ -رحمه الله-: "(وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا): فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الرَّجُلَ الصَّالِحَ يُحفَظُ فِي ذُرِّيَّتِهِ، وَتَشْمَلُ بَرَكَةُ عِبَادَتِهِ لَهم فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، بِشَفَاعَتِهِ فِيْهِم، وَرَفْعِ دَرَجَتِهِم إِلَى أَعْلَى دَرَجَةٍ فِي الجَنَّة، لِتَقَرَّ عَيْنُهُ بِهِم، كَمَا جَاءَ فِي القُرْآنِ وَوَرَدَتِ السَّنَّةُ بِهِ، وَقَدْ ذُكِرَ أنَّه الأَبُ السَّابِعُ، وقِيلَ: العَاشِرُ. وَأَيًّا كَانَ، فَفِي الآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ صَلَاحَ الآبَاءِ يُفِيدُ العِنَايَةَ بِالأَبْنَاءِ".

وختم زمارة حديثه: "وقد عقل الصالحون لذلك المعنى فزادوا في أعمالهم الصالحة رجاء أن يحفظ الله ذرياتهم، كالسعيد بن المسيب حيث روي عن بعضهم أنه قال لابنه "إِنِّي لَأَزِيدُ فِي صَلَاتِي مِنْ أَجْلِكَ يَا بُنَي"، وقالَ محمدُ بنُ المُنْكَدِرِ -رحمه الله-: "إِنَّ اللَّهَ لَيَحْفَظُ بِالرَّجُلِ الصَّالِحِ وَلَدَهُ وَوَلَدَ وَلَدِهِ وَالدُّوَيْرَاتِ الَّتِي حَوْلَهُ، فَمَا يَزَالُونَ فِي حِفْظٍ مِنَ اللَّهِ وَسِتْرٍ".