الأم هي الأم، فلسطينية كانت أم يهودية. عاطفة الأمومة قاسم مشترك بين الأمهات في العالم. من ينكر هذه الحقيقة مصاب بالجهل، وغياب الإحساس. نتنياهو في نظر والدة الأسير أورون شاؤول لا يملك ذرة من الإحساس لمعنى الأمومة. المرأة المكلومة تقول له: أنا مريضة بالسرطان، وأيامي معدودة، وأريد ابني حيا أو ميتا، لأحتضنه إن كان حيا، أو لاحتضن قبره إن كان ميتا؟! الأم تقول: أربع سنوات ونصف مدة كافية لغياب شاؤول؟!
الأم المكلومة تنفخ زفراتها في قربة مقطوعة كما يقولون. نتنياهو لا يعرف معنى الأمومة، ولا يحسن تقدير غياب الابن؟!. حين يكون الابن جنديا مقاتلا، يجب على قادته التحلي بالمسئولية، حتى إن فقدوا الإحساس بمشاعر الأمومة. نتنياهو لا يقوم بواجباته فهو لا يستحق الفوز بالانتخابات.
إن فشل نتنياهو في تحرير شاؤول وغيره من الأسرى، هو دليل على أنانية الرجل الذي لا يريد أن يدفع ثمن الأسير خلافا للتوراة، وخلافا لمطالب أم يهودية تعاني السرطان؟!
ما أقوله بلسان أم يهودية أرسلت ابنها لقتل الفلسطينيين، ليس تعاطفا مع هذا الابن، أو هذه الأم، ولكن تعاطفا مع الأمومة ذاتها لأن حق أمهاتنا الفلسطينيات أن يحتضنَّ أبناءهن الأسرى، ولأن حماس تدرك الواجب الشرعي والوطني، وتفهم مشاعر الأمومة، تطلب ثمن شاؤول بشكل حقيقي، بأن يعود الأسرى الفلسطينيون إلى أمهاتهم. الأمهات الفلسطينيات يطالبن حماس بتحمل مسئولية إعادة أبنائهن الأسرى، وهو عين الطلب الذي تطالب به أم شاؤول.
لماذا لا تلتزم قيادة العدو بواجبات المسئولية طوال مدة أربع سنوات ونصف، ولماذا لا تلتزم بتوجيهات التوراة، وهي التي فشلت في إعادة شاليط بالقوة وبأجهزة المخابرات؟!
الحقيقة المستفادة من هذا الدرس أن التعاليم التوراتية في حق الأسرى تعاليم نظرية كاذبة لا يلتزم بها قادة العدو، ويعملون دائما وفق قاعدة المصلحة الشخصية والسياسية، لا وفق متطلبات التعاليم، والأمومة، والمسئولية؟! إنهم بذلك لا يختلفون عن قادة عرب حين تركوا أسراهم نهبا للحديد، والكآبة، وما قالته جوالدمائير في مذكراتها حول الأسرى اليهود كذب محض.
إن التحية، كل التحية، لحماس التي أحيت سنن الأنبياء في فداء الأسرى، وقدمت نموذجا في قصة شاليط، ونموذجا آخر في استعادة المختطفين الأربعة، ولم تجعل أسرى فلسطين لعبة سياسية أو انتخابية. وفي ختام المقال أقول: ويبدو أن أم شاؤول ستشبع موتا قبل أن ترى ولدها، لأن قادتهم يتاجرون بهم، ولا يشعرون بما تشعر هي به؟!