"صفقة القرن ستحوّل الضفة الغربية لقطاع إداري تحت حكم وسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، شبيه بوضع هونغ كونغ، في علاقتها مع الصين. والمعضلة الكبرى إذا لم تقبل السلطة بالصفقة فسيصدر العدو تشريعا بضمها كليا ونهائيا، مع الأسف عنتريات صائب عريقات لن تفيد القضية الفلسطينية؟!". (هكذا؟!)
هذا ما قاله عبد الخالق عبد الله المستشار السابق لحاكم أبو ظبي. المستشار يحسب أن قوله هذا يدخل فيما يسمى بالواقعية السياسية. حسنا إن كان هذا حسبه، ولكن الواقعية السياسية واقعيتان: الأولى إيجابية، والأخرى سلبية. الواقعية الإيجابية تتعامل مع الواقع، ولكن بغرض تغييره، وتحويله، وتطويره بما يخدم المصالح الوطنية. وأما الواقعية السلبية فهي حالة انهزامية ترضخ للواقع وتستسلم له، بما فيه من مذلة وهوان. والشعب الفلسطيني يؤمن بالإيجابية، ولن يخضع للسلبية مهما طال الصراع، ومهما كانت قوة العدو.
وهنا نودّ أن نقول للمستشار: إن الحوثيين في اليمن يمثلون حالة واقعية بسيطرتهم على العاصمة اليمنية وعلى بلاد اليمن، فلماذا تقاتل الإمارات الحوثيين؟! ولماذا تطالب الإمارات بالجزر الواقعة تحت سيطرة إيران، وإيران تفرض واقعية عسكرية على الجزر؟! هل العزاء في فلسطين والقدس عزاء بارد؟! والعزاء في غيرها غير ذلك؟!
العرب يا سيادة المستشار ساعدوا في نكبة فلسطين، وفي إحباط المقاومة الفلسطينية باسم الواقعية الانهزامية، التي تمثلها كلماتك، والآن هم يحاولون اللعب على وتر الواقعية لإنهاء القضية الفلسطينية من خلال تسويق صفقة القرن، وبث حلم هونج كونج الضفة؟!
الواقعية الفلسطينية الإيجابية، لا يمثلها عريقات، ولا تمثلها عنتريات عريقات، لأنها تقوم على التحرير قبل الاقتصاد، وقبل السوق وهونج كونج، وعريقات عليه ما عليه. الحرية عندنا قبل المال. الحرية والاستقلال يصنعان المعجزات، ولا مال ولا اقتصاد قبل التحرير، وقبل تقرير المصير، وستمضي المقاومة وهي الحالة الواقعية الإيجابية في طريقها، رغم مزاعم الحل الاقتصادي، الذي هو عنوان صفقة القرن، حتى ولو آمنت به الإمارات وغيرها من دول الخليج. من لا يستطيعون فهم معنى الحرية لا يجوز لهم نصح الآخرين بالعبودية.
لو آمنت الدول العربية بالواقعية المهزومة لما تحررت حتى اليوم من الاستعمار الأجنبي. هذا ما ينصحنا به تاريخ الأحرار، بما فيهم أحرار الخليج أيضا.