فلسطين أون لاين

​ألقابٌ للدلال وأخرى مسيئة.. فكيف تؤثر في الأبناء؟

...
غزة - فاطمة أبو حية

ألقابٌ مختلفة يطلقها الأهل على أبنائهم منذ اليوم الأول لولادتهم، وقد تتغير هذه الألقاب مع تقدم الأبناء في العمر لتصبح ذات معنى يدل على بعض صفاتهم، فهذا لقبٌ مشتق من اسم الطفل للتدليل، وذاك اللقب يدل على صفة سيئة فيه، وكما تتغير الألقاب، يتغير رد فعل أصحابها تجاهها، فمنهم من يتمسك بها، ومنهم من يراها للأطفال فقط، وإن كانت مسيئة ففيها من الأذى النفسي ما قد يسبب الإزعاج للفرد طوال حياته.

الاستفزاز طبعها

"زنانة".. هو اللقب الذي تكرهه "هيام أحمد" لما كان يسببه لها من أذى نفسي في طفولتها، وتقول عنه: "كنت كثيرة البكاء، ولا أتوقف إلا عندما أحصل على ما أريد، حتى أطلقت عليّ جارتنا هذا اللقب".

وتضيف هيام (26 عامًا): "أذكر أنني كنت أتألم كثيرًا عندما تناديني الجارة بهذا اللقب، وما كان يسيء لي أكثر أن تناديني به وأنا ألعب مع أقراني في الحي، فهي لم تكن تستخدمه في لحظات بكائي فقط".

وتتابع: "كبرت، وتزوجت، وأصبحت أمًا لثلاثة أطفال، وما زالت هذه الجارة تناديني بطريقتها الخاصة، حتى أمام أبنائي، وهذا الأمر يستفزني كثيرًا لأنني لست تلك الطفلة التي تتأذى وتسكت، خاصة أنها تتعمد إحراجي أمام من لا يعرفون بهذا اللقب، لذا جربت الاعتراض أكثر من مرة ولكن بلا جدوى، وأخيرًا قررتُ أن أتقبل الأمر، لأن علاقتي بها جيدة والاستفزاز من طباعها التي لا يمكن تغييرها.

اعتدتُ على التدليل

أما "سهير حبيب" التي شارفت على الدخول في عامها الثلاثين، فتميل كثيرًا إلى مناداتها بلقب التدليل الذي أطلقته عليها أسرتها في طفولتها، وتفضّله على اسمها.

وتقول: "أحب أن يناديني الجميع بـ(سوسو)، وليس أهلي فقط، فكل صديقاتي وزميلاتي في العمل، وكذلك زميلات الدراسة عندما كنت في المدرسة والجامعة"، مضيفة: "يستغرب الناس من ميلي لهذا اللقب رغم أني كبرت، ولكن أنا شخصيتي طفولية، إضافة إلى أنني اعتدت على التدليل من كل من حولي لكوني الابنة الأنثى الوحيدة بين أربعة إخوة ذكور".

أما الشاب "عبد الرحمن يعقوب" فقد تمرّد على لقب "عبود" في بدايات سن المراهقة، وطلب من عائلته ألا تناديه به لأنه كبر، ولكنه بعد أن جاوز عامه العشرين غير وجهة نظره، بفضل أصغر إخوانه، الذي كان ينطق اسمه "أمّان" بدلًا من "عبد الرحمن"، وأصبح الاسم المحرّف لقبًا محببًا إلى قلب الشاب.

ويوضح: "منذ طفولتي وعائلتي تناديني باسم (عبود) ولم يكن عندي مشكلة في ذلك، ولكن بعد وصولي إلى المرحلة الإعدادية ظننتُ أن هذا اللقب فيه استصغار لي بينما أنا أصبحت رجلًا، هكذا كنت أرى".

ويبين: "وُلد أخي الأصغر وأنا في العشرين من عمري، ولمّا بدأ بالكلام نطق اسمي بطريقته الخاصة، فأحببت طريقة نطقه للاسم، وكذلك العائلة، فأصبح الكل يناديني بتسمية أخي لي، ولم أعد أخجل منه كما في السابق، بل عمَّمته على بعض أصدقائي".

لأنه دليل محبة

تقول الأخصائية النفسية ليلى أبو عيشة إن اللقب الذي يطلقه الأهل على الطفل إن كان جيدًا ولا حرج فيه فهو يعطي صاحبه شعورًا بأن له مكانة مميزة عند والديه وأسرته، وأنهم لا يزالون يحنون عليه من خلال هذا اللقب.

وتضيف لـ"فلسطين": "في مرحلة الطفولة المبكرة لا مشكلة عند الأبناء في مناداتهم بألقاب غير أسمائهم، ولكن الإحراج يبدأ إن استمر الأهل بإطلاق اللقب عليهم في مراحل عمرية أكبر، وخاصة في بداية الطفولة المتأخرة ومع الدخول في سن البلوغ، وهذا بالنسبة للذكور، فالإناث غالبًا لا يتأذين من الألقاب اللطيفة".

وتتابع: "اللقب في الأصل هدفه تدليل الأهل لابنهم، وهو يتفهم هذا ويسعد به، ولكنه يشعر بالإحراج إن عرف باللقب أشخاص من خارج نطاق العائلة، وخاصة الأقران من زملاء وأصدقاء وأقارب، لأنهم غالبًا ما يستخدمون اللقب في الاستهزاء والسخرية".

وعمّا إذا كان اللقب يحمل معنى سيّئًا، توضح أبو عيشة: "هذا النوع من الألقاب يسبب الإحراج للطفل، وقد يجعله منبوذًا من أقرانه، ويعرّض ثقته بنفسه للضعف والاهتزاز، ومما يزيد الطين بلّة أن شخصيّته تتشكل في هذه المرحلة العمرية التي يعاني فيها من القلق وعدم الارتياح والترقب لزوال اللقب الذي يحرجه، أي أن شخصيته ستتأثر سلبًا بهذه العوامل".

وتبيّن: "اللقب اللطيف غالبًا ما يكون محببًا للنفس عندما يكبر صاحبه، خاصة عند الفتيات، ففي هذا اللقب دلالة على المحبة من الآخرين اللذين يستخدموه"، لافتة إلى أن الحرج الذي يشعر به الأبناء الذكور من الألقاب التي يطلقها الأهل عليهم يعود إلى رغبتهم بأن يكونوا بكامل نضجهم ورجولتهم، وعلى الأغلب لا يحب الشاب أن يصطحب طفولته معه إلى ما بعد عمر البلوغ، بينما البنت تحافظ على الجانب الطفولي في شخصيتها.

وتشير إلى أن بعض الشباب يسعدهم إطلاق الألقاب عليهم، ولكن من باب الارتياح للقب ومعناه والفئة التي تستخدمه، وليس لأنه رمز للتدليل، كأن يحب إطلاق أصدقائه عليه لقب "الحوت" مثلًا، وهذه الألقاب تبقى محصورة في نطاق معين ولا يستخدمها الكل.