فلسطين أون لاين

​الجائزة الأولى لأبطال اللغة الهولندية يحصدها اللاجئ الفلسطيني علي

...
تمكن من استيعاب اللغة الهولندية، حتى إنه تقدم فيها بفعالية
أمستردام- غزة/ هدى الدلو:

غلقت الأبواب في وجهه للمرة الثانية، فالأولى كانت يوم نكبة أجداده ورحيلهم عن موطنهم الأصلي فلسطين، واستقرارهم في مخيمات اللجوء في سوريا، والثانية كانت يوم دارت رحى الحرب منذ سنوات عدة في سوريا؛ فاضطر إلى الهجرة قبل أربعة أعوام للعيش في حياة منكهة بطعم السلام والأمان، فكانت هولندا وجهته، وبعد قدومه سجّل في دورات لتعلم اللغة الهولندية، وبعد عامين من دراستها أحرز فيها تقدمًا ملحوظًا، فعمل متطوعًا لغويًّا لمساعدة الآخرين على تعلمها، ويحلم أن يصبح مدرسًا للغة الهولندية.

اللاجئ الفلسطيني السوري محمد علي (40 عامًا) حاز الجائزة الأولى في أبطال اللغة الهولندية لعام 2018م، بعد أن اختارته لجنة التحكيم من بين 37 مرشحًا.

و"علي" من مواليد مدينة دمشق، عاش فيها وكبر ونما وتعلم، ومنذ عام 1998م عمل في مدارسها معلمًا للمرحلة الابتدائية، ثم تابع دراسته الجامعية بالموازاة مع عمله، وحصل على دبلوم في التأهيل التربوي من جامعة دمشق، عمل بعدها مدرسًا للمرحلة الإعدادية، ثم انتقل إلى العمل موجهًا للمدارس الابتدائية في محافظة ريف دمشق.

وقال: "غطرسة الحرب التي لم ترحم الأخضر واليابس وجبروتها دفعاني نحو الهجرة، فأتيت هولندا في عام ٢٠١٤م، سافرت ولم يكن لدي وجهة محددة، فكنت كالضائع والتائه، بقيت في مراكز الإقامة مدة تزيد على سنة وشهرين لم ألتحق خلالها بأي مدرسة، ثم حصلت أنا وأخي على منزل في بلدة بيركل ورودنريج في ضواحي مدينة روتردام في نهاية ٢٠١٥م، والتحقت مباشرة بمدرسة للغات، وسجلت في مكتبة البلدة التي ساعدتني كثيرًا على تحسين لغتي".

لاحظ علي أنه تمكن من استيعاب اللغة الهولندية، حتى إنه تقدم فيها بفعالية، فاستثمر ذلك، ومباشرة بدأ العمل التطوعي في مساعدة الآخرين على تعلم اللغة، ومساعدتهم على تجاوز الصعوبات، وتابع حديثه: "وحاليًّا منذ أكثر من سنتين أعمل متطوعًا بإعطاء الدروس في المكتبة، إلى جانب أني متطوع في منظمة مساعدة اللاجئين".

لديه الآن ثلاث مجموعات في المكتبة يعلمهم هو وزملاء هولنديون اللغة الهولندية، وقد حصل على الجنسية الهولندية، ويعمل مشرفًا ومدرسًا في مدرسة للغات.

وكانت المسابقة التي شارك فيها تقوم على اختيار أفضل شخص في مساعدة الآخرين على تعلم اللغة، وكانت جائزة هذه المسابقة مقسمة إلى ثلاثة أقسام، وقد حصل علي على النصيب الأكبر:الأول أفضل مشرف، والثاني جائزة الجمهور، والمقصود فيها أنه في المرحلة النهائية يخضع الـ٣٧ مرشحًا لتصويت الجمهور.

ويحق لكل مرشح أن يختار شخصية معروفة يوجه لها رسالة، فاختار علي رئيس وزراء هولندا لأنه بالأساس كان مدرسًا للغة، ووجهه له رسالة عن أحلامه المستقبلية بأن يكون مدرسًا للغة، وطلب منه أن يحقق له أمنيته في الالتحاق بالمدرسة العليا في هولندا لدراسة سنة واحدة في اللغة، ويحصل على شهادة تدريس للغة الهولندية.

وتتويجه بالمركز الأول كان فرحة لا توصف، خاصة أنه المنافس العربي الوحيد بين المشاركين، ليسجل به إنجازًا عربيًّا فلسطينيًّا، مشيرًا إلى أن المنافسة بدأت منذ شهر أكتوبر الماضي، وأعلنت النتائج مع نهاية شهر يناير المنصرم.

وبين علي أنه إذا تمكن الشخص من إتقان لغة البلد المقيم فيها فإنه يستطيع أن يحقق كل أهدافه التعليمية، ولكن كل ما عليه اختيار الطريق الصحيح، مضيفًا: "أي بلد تريد العيش فيه ليس هناك أي مجال أمامك لإيجاد عمل مناسب دون أن تتقن اللغة، والميزة الوحيدة في تعلمها هي سرعة إيجاد عمل يناسب شهادتك الأصلية".

ويرى مشرفو البطولة أن أبطال اللغة هم الذين يقدمون مساهمات فريدة من نوعها في تعلم اللغة الهولندية، وأنشئت هذه الجائزة إشادة بالناس الذين بذلوا جهدًا خاصًّا لتعلم القراءة والكتابة باللغة الهولندية.