فلسطين أون لاين

​السكن مع العائلة.. لمّة أسرية أم انتهاك للحرية؟

...
الأسرة الممتدة تقوم على عدة وحدات أسرية تجمعها الإقامة المشتركة، و
غزة/ هدى الدلو:

الواقع الفلسطيني والحالة الاقتصادية المتردية في قطاع غزة نسفا الأحلام الوردية لبعض الفتيات والتي نسجتها بخيوط من حرير بتأسيس مملكة خاصة بعائلتها الصغيرة، بمشاركة فارس أحلامها، إلا أن الوضع القائم حال دون الوصول إلى مرتبة السعادة، وكل ما عليها أن تكون زوجة صبورة وذات أصل تستطيع التأقلم مع الظروف الصعبة، وتوافق على العيش في بيت عائلة ممتدة، حتى تتغير الظروف وتتحسن الأحوال..

خصوصية منتهكة

تعد رائدة وهي أم لأربعة أبناء أن أكبر جريمة يمكن أن ترتكبها حواء بحق نفسها، موافقتها على السكن في بيت العائلة، وفق تجربتها الخاصة، حيث تقضي المرأة أحلى سنوات عمرها في بيت العائلة، فإلى جانب المشاكل التي تظهر فإن هناك تحكما في الملبس والمأكل والمشرب.

وقالت: "كما أحرم من أبسط حقوقي بالجلوس مع زوجي، بالإضافة إلى المشاكل التي تفتعل من البعض وتعكر صفو الأجواء، ولكن في الوقت الحالي ليس بيدنا حيلة، فالظروف الاقتصادية السائدة حاليًا لا تسمح بالخروج للسكن في بيت مستقل".

فهي ما زالت تعاني حتى اللحظة من قبولها بالسكن في بيت العائلة فلا راحة فيه، كما أن الكنة في تلك البيوت تكون تحت إطار العدسة المكبرة لأفعالهم وأقوالها، وحتى أسرارها، فالخصوصية منتهكة منذ 6 سنوات.

الاستقلال جريمة

أما رانيا محسن (28 عامًا) متزوجة منذ عامين وهي الكنة الرابعة في البيت، وتصف العيش في بيت العائلة بالخيط الرفيع الذي تسير عليه، فكل حركة محسوبة عليها، ووضعت نصب أعينها ألا تتدخل بأحد، وأن لها حدودا في التعامل مع سلفاتها في البيت، لأن كثرة الاختلاط تسبب المشاكل وخاصة فيما يتعلق بالقيل والقال، وفي حال نشوب المشاكل فإنها ستضطر إلى التنازل عن حقها خوفًا من تطورها.

وقالت: "فالسكن في بيت العائلة يحمل الفتاة أعباء مضاعفة إلى جانب المسئوليات الملقاة عليها تجاه أطفالها وزوجها، ولكن ليس باليد حيلة خاصة مع ضعف الدخل المادي لزوجي، فلا يمكننا الاستقلال في بيت مستقل، هذا إلى جانب أن طرح فكرة الاستقلال بحد ذاتها جريمة".

إنقاذ للزوج

ورأت عبير إبراهيم (31 عامًا)، أن السكن في بيت العائلة لا يضر بالزوج بقدر ضرره بالزوجة، بل هو على العكس ينقذ الزوج من زواجه المؤجل بسبب عدم قدرته على توفير مسكن، بينما الزوجة فإنه يضعها تحت طائلة المسئولية الكبيرة منذ بداية حياتها الزوجية، والمشاكل التي لا دخل لها بها.

وأوضحت أنه لا يخفف كثيرًا الالتزامات الملقاة على الشخص، كما أن السكن في بيت العائلة يدفع البعض للتدخل في الخصوصيات، كما أنه ليس مكانًا مناسبًا لمن يحب الاستقلالية في شئونه الخاصة، ويضعه تحت طائلة الالتزامات الاجتماعية.

سلبيات تطغى

وعدت أم مصعب التي قضت أول سنوات حياتها الزوجية في بيت العائلة، أن السكن في بيت العائلة، له إيجابيات ولكن السلبيات تطغى على ذلك، كالشعور بجمال اللمة والجو العائلي خاصة في المناسبات والأعياد، كما أن السكن في أول سنة من الزواج مع العائلة يساعد في التعرف على عادات وتقاليد أهل الزوج.

وأضافت: "ولكن على ألا يستمر السكن في بيت العائلة العمر كله، فتحرم الزوجة من الحرية والاستقلالية، وبذلك يمكن الحفاظ على علاقة خالية من المشاكل والمشاحنات بيني وبين عائلة زوجي".

فكرة ليست منبوذة

ومن جهتها، عرفت الاختصاصية الاجتماعية نسرين ريان الأسرة الممتدة على أنها التي تقوم على عدة وحدات أسرية تجمعها الإقامة المشتركة، والقرابة الدموية، وكانت منتشرة قديمًا، وتضم الأجداد والأبناء وأزواجهم والأحفاد، وهي تعد وحدة اجتماعية مستمرة، فتتكون من 3 أجيال، ومن معايير قياسها الأكل والشرب المشترك.

وأرجعت أسباب عيش البعض ضمن نطاق العائلة الممتدة، إلى الوضع الاقتصادي للشباب، حيث يصل عمر الزواج ولا يستطيع بناء بيت للزواج والاستقرار، وارتفاع تكلفة مواد البناء، والبعض تزوجوا بالآجار ولم يتمكنوا من دفع الإيجار بسبب أزمة الرواتب مما اضطر إلى ترك الإيجار، والعودة للسكن عند الأهل في غرفة.

وقالت ريان: "فالسكن ضمن نطاق العائلة الممتدة ليس فكرة منبوذة، ولكن لعدم وجود وعي كافٍ لدى الشباب، فيتعاملون مع الأمر من البداية على أنها فكرة سلبية مما يتسبب بنشوء مشاكل".

وأوضحت أن من السلبيات التي قد تنشأ نتيجة السكن في العائلة الممتدة تقييد نوع من الحرية بين الزوجين، وخاصة فيما يتعلق بالحرية الشخصية، كما أنها تخلق نوعًا من الحرج والخجل فيما يتعلق بالأكل والطعام، بالإضافة إلى انعدام الاستقلالية.

وأشارت ريان إلى أنها تؤدي إلى صعوبة تكوين علاقات جديدة، وتدخل الجد والجدة بتربية الأبناء، إلى جانب افتعال المشاكل على أبسط الأسباب.

وتابعت حديثها: "ولا نغفل أن لكل أمر جانبا ايجابيا، أنه في حال حدوث طارئ فإنه يجد أهله بجانبه، والتأمين على الزوجة والأبناء إذا كان عمل الزوج في ساعات الليل، بالإضافة إلى ضمان الحد الأدنى من أساسيات الحياة".

ولفتت ريان إلى أنه لا بد من التأقلم قدر الإمكان على العيش بين عائلة الزوج، ولا تتدخل الزوجة فيما لا يعنيها، والابتعاد عن القيل والقال حتى لا تقع في المشاكل.