" كان من الصعب أن نقيم دولتنا، إلا أن المحافظة على بقائها أصعب من إقامتها، إننا محاطون بالإعداء الذين يتمنون هلاكنا."
هذا القول لمناحيم بيغن في كتابه التمرد ص459. وهو قول في نظري صحيح، ويعكس الواقع. نعم ، لم تقم دولة العدو بالتمني، ولا بمنحة من بريطانيا، كما نخدع أنفسنا، ولكن قامت من خلال العمل العبري الصهيوني الجاد، والمتواصل، وبالقوة العسكرية الصهيونية التي هزمت الفلسطينيين والعرب معا. ومن ثمة لا يمكن القول إنها قامت بالمفاوضات، أو بقرار التقسيم.
دولة العدو لم تقم على طبق من فضة، أو بعطاء الغير، أو باعتراف الفلسطينيين. ومن ثمة يخطئ كل فلسطيني يحسب أن الدولة الفلسطينية ستقام باعتراف دولة العدو، أو على طبق من فضة بالمفاوضات، أو بمنحة من أميركا وأوروبا. هذا لن يكون البتة.
الطريق إلى الدولة الفلسطينية هو الطريق عينه الذي سلكه العدو لإقامة دولة (إسرائيل) . ومن لا يملك الحكمة لن يرى بها الطريق, لن يقيم الدولة أبدا. فلسطين ستقوم من جديد، ولكن لن تقوم بالمفاوضات، وإنما بما قامت به دولة العدو نفسها.
فلسطين ستقوم من جديد لأن دولة العدو ستضعف وتزول، ومن ثمة يمكن القول إن بيغن كان مصيبا في حدسه حين قال: إن المحافظة على بقاء ( إسرائيل) أصعب من قيامها، وهذا صحيح مائة في المائة، وقادة العدو منذ بن غوريون وحتى تاريخه يجهدون من أجل المحافظة على بقائها، ولكنهم لم يصلوا إلى الغاية التي يريدون، ولن يصلوا إليها أبدا، حتى وإن تفوقوا في السلاح والاقتصاد، لأن الفلسطينيين، والعرب الوطنيين يعملون من أجل فلسطين ومن أجل إخراج الصهاينة منها، وعملهم هذا سيصل غايته في يوم قريب، رغم حالة الضعف والعجز القائمة، ذلك لأن هناك فئات مؤمنة بقدر الله وبالنصر، وتعمل على توسيع دورها ودائرتها، وهي لا تنتظر مكافأة العدو في القوة والعتاد حتى تبدأ المقاومة، بل هي تؤمن بالمستطاع وتعتمد على الله في سدّ ما كان ناقصا. هذه الفئة هي التي ستصل، ولن يصل المفاوض إلّا إلى سراب. هذه الفئة ستصل لا محالة، لأن تسير في طريق الوصول، بينما سيفشل المفاوض في الوصول حتما, لأنه يسير في طريق من الأماني مغلق. وهذه المسألة ليست مزايدة، وإنما هي من مسائل التاريخ، وفقه التحرير، وقيام الدول.