يبدو أن رسالة الحراك الشعبي الذي انطلق في يوم الأحد 24 فبراير قد وصلت، وحققت بعض أهدافها. الحراك الشعبي استهدف الضغط على محمود عباس للاستقالة من منصبه والرحيل عن كرسي السلطة، واستهدف مخاطبة المجتمع العربي والدولي بأن عباس لا يمثل كل الشعب الفلسطيني، لا سيما بعد حصاره لغزة، وقطع رواتب الموظفين، والفشل في معالجة القضية الفلسطينية، والفشل في إقامة سلطة ديمقراطية حقيقية.
إن من علامات نجاح الحراك الشعبي كثافة الأعداد البشرية التي شاركت فيه، والتي جاءت من الأعمار كافة، ومن الرجال والنساء، ومن العامة والفصائل، بما فيها فصائل من منظمة التحرير، هذه الأعداد الكبيرة كشفت مناورة عباس، الذي زعم أنه سيستقيل فورا إذا خرج عشرات يطالبون برحيله؟!
ومن علامات نجاح هذا الحراك مسارعة قادة فتح من حاشية عباس بمهاجمة الحراك، بألفاظ نابية، ومسارعتهم لإخراج مؤيديهم في الضفة في مظاهرات تطالب بتأييد عباس ومبايعته، وهي إجراءات تدل على حالة الضعف القيادي، والقلق على مصير عباس، ومن المعلوم أن الضفة الغربية تخضع قهرا لإرادة الأجهزة الأمنية. ومع ذلك فقد كانت مظاهرات الضفة وظيفية باهتة.
الحراك الشعبي في غزة بدأ بموقف إعلامي عبّر عن موقف سياسي يطالب بإقالة أو استقالة عباس، للأسباب المذكورة آنفا، ومن الطبيعي ألّا تصل الجماهير لما تريد في جولة مظاهرات واحدة، فهل سيستمر هذا الحراك في الأسابيع القادمة؟! وهل سيتبلور موقف سياسي معتبر في هذا المجال، أم سيبقى قادة الحراك في تردد، كما هم قادة الفصائل؟!
الشعب يريد من عباس أن يستقيل بغض النظر عن موقف حماس، وخلافات حماس وفتح. الشعب يريد ذلك لأن عباس فشل في جلّ مهامه الوطنية والرئاسية، وزاد من الانقسام، وزاد حالة الفقر والبطالة، وأهمل العمال والجامعات، وكرس الرشوة، وعزز نظام الشلل، وحطم النظام السياسي حين عرقل عمل المجلس التشريعي، وحين قرر حله لاحقا، وحكم المواطنين بالأجهزة الأمنية، وبدون سلطة تشريعية، واحتكر القضاء وجعله مواليا للسلطة التنفيذية، ومزق فتح وبدد عافيتها. هذه أسباب كافية للمطالبة باستقالته، وهي أسباب لا علاقة لها بنزاعه مع حماس. الحراك الشعبي عبّر عن موقف الأغلبية الشعبية، وهو ما يتفق مع استطلاعات الرأي التي أظهرت تدني حالة الرضا عن أداء عباس والسلطة. هل يبادر عباس بالاستقالة؟! لا أحد يتوقع ذلك، فالعرب لا يخرجون من المنصب إلا بالموت أو بانقلاب؟!