رأى محللان سياسيان أن إطلاق أجهزة أمن السلطة يدها الثقيلة على المقاومة في الضفة الغربية عبر كشف الخلايا المقاومة واعتقالها، يندرج في إطار المحاولة اليائسة لإثبات ولائها للاحتلال، سعيًا للمحافظة على المكاسب الشخصية لرجالات السلطة.
وذكر المحللان أن السلطة باتت تمثل سلطة وظيفية تنحصر مهمتها في توفير الأمن للاحتلال وقطعان مستوطنيه، ومحاولة فرض التسوية على جموع الشعب الفلسطيني الرافع في معظمه لواء المحبة والولاء لنهج المقاومة.
وكانت القناة العبرية السابعة، قالت: إن السلطة اعتقلت مؤخرًا خلية تابعة لحركة "حماس"، كانت فد خططت لتنفيذ عمليات داخل كيان الاحتلال.
وذكر القناة العبرية عبر موقعها الإلكتروني، أمس، أن أجهزة أمن السلطة اعتقلت خلية مقاومة وحصلت على معلومات خلال التحقيق معها حول نيتها تنفيذ هجمات ضد أهداف للاحتلال في الأراضي المحتلة عام 1948.
ونقل مراسل القناة، عن مصادر في أجهزة السلطة بالضفة قولها إن الخلية تتكون من ستة أشخاص، وينتمي عناصرها لحركة "حماس"، وكانت تُخطط لتنفيذ عمليات عبر أحزمة ناسفة كانت تصنعها في مدينة نابلس.
خيار المقاومة
ورأى الخبير السياسي د. عبد الستار قاسم أن أعمال المقاومة الفردية والمنظمة، والتي تنفذ في الضفة الغربية باستمرار، تنم عن تجذر خيار المقاومة لدى شعبنا الفلسطيني، لافتًا إلى أن المقاومة "شكلت استنزافًا لأمن الاحتلال واقتصاده".
وأوضح قاسم لصحيفة "فلسطين"، أن العمل المقاوم المتصاعد "كفيل بكبح جماح الاحتلال وإيقاف مخططاته، وذلك برفعها التكلفة الأمنية والاقتصادية أمام مساعيه التوسعية والاستيطانية ومحاولاته فرض يهودية الدولة كهدف مستقبلي".
وأشار إلى أن حالة من الغضب والغليان تسود الشارع الفلسطيني بسبب ممارسات الأجهزة الأمنية ضد فصائل المقاومة، موضحا أن السلطة لا تدرك عواقب هذه الأمور جيدا.
ولفت إلى أن المرحلة القادمة سوف تمثل مفصلا مهما في علاقة السلطة والأجهزة الأمنية بجماهير الشعب الفلسطيني، والتي باتت تدرك تماما أن رأس المقاومة مطلوب لتلك الأجهزة بتوجيه من الاحتلال.
وذكر قاسم أن ما وصفهم بـ"المتآمرين" على الشعب الفلسطيني من الاحتلال والولايات المتحدة وبعض الأطراف الفلسطينية سوف يعملون بكل جهدهم لمنع أي تحرك أو نشاط سياسي رافض للمفاوضات فضلا عن أي عمل عسكري قد يكلف السلطة ثمنا باهظة.
ونوه إلى أن "ريموت التحكم" في الوضع الأمني بالضفة يقبع في يد الجنرالات الإسرائيليين الذين يتعاقبون على توجيه وقيادة أجهزة أمن السلطة، وهم من يرسمون سياساتها وخطة العمل لديها، في حين لا يتعدى دور الأجهزة عملية التنفيذ لا أكثر.
مشروعان متناقضان
من ناحيته، رأى المحلل السياسي محمد حمادة، أن التنسيق الأمني بين أجهزة أمن السلطة وأمن الاحتلال يشهد تطورات ملحوظا يوما بعد يوم.
وقال حمادة لصحيفة "فلسطين": إن العمليات الأمنية التي قام بها الاحتلال خلال الفترة الماضية كانت بتنسيق وعلم الأجهزة الأمنية التي تغلق مقراتها وتسحب عناصرها في اللحظة التي يقتحم الاحتلال فيها مدن الضفة.
واستند حمادة في طرحه إلى الخط التصاعدي الذي بدأ يظهر في تعاون أجهزة أمن السلطة مع قوات الاحتلال، منبهًا إلى أن قادة الاحتلال يواصلون الثناء على أداء السلطة في أكثر من موضع.
وأضاف أن الساحة الفلسطينية باتت تشتمل على مشروعين متناقضين، الأول تتبناه السلطة ويقضي بالاستمرار في استجداء الحقوق عبر مسار التسوية، مع إيغال الاحتلال في مخططاته الاستيطانية والتهويدية التي ستأكل الحق الفلسطيني بينما تنتظر السلطة غافلة أن يأتيها به المجتمع الدولي ومسار التسوية العقيم.
وأشار إلى أن المشروع الآخر هو مشروع المقاومة الذي تؤمن به الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس، وهو مشروعه يريد استنهاض الكل الفلسطيني وبناء جبهة قوية لمواجهة الاحتلال في كل مناطق تواجده وخاصة الضفة الغربية باعتبارها الساحة الأخطر على الاحتلال.
وأوضح أن المقاومة كانت دائما ما تقف بالمرصاد لأي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، وهو الأمر الذي يزعج فريق السلطة باعتباره عراب التسوية في المنطقة من خلال القبول بالحلول التي تطرحها الولايات المتحدة بموافقة الاحتلال.
لكن حمادة قلل من فرص نجاح تلك المخططات التصفوية بحق المقاومة، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني ابتدأ مقاومته بالحجر واستمر في تطويرها حتى وصلت إلى العلميات الاستشهادية والصواريخ وقد علمنا التاريخ أنه لا يرجع إلى الوراء وأن الشعوب قد تضعف مقاومتها نتيجة لعوامل معينة لكنها لا تموت أبدا.