في أعقاب النكسة الفلسطينية عام 1967، دمرت سلطات الاحتلال الإسرائيلية خربة "السويدة" المطلة على نهر الأردن في الأغوار الشمالية وصادرت كل أراضيها البالغة نحو 40 ألف دونمًا، ثم صنفتها على أنها "محمية طبيعية" تابعة لها.
لم تشهد "السويدة" تشييد منازل فلسطينية بسبب سياسة التهجير الإسرائيلية، في حين شهدت في غضون العامين الأخيرين ظهور كرفانات متنقلة وضعها مستوطنون تحت حماية جنود الاحتلال وتوسعت فيما بعد إلى أن أصبحت بؤرة استيطانية.
وتعد "السويدة" واحدة من عدة خِرب منتشرة في الأغوار الشمالية التابعة لمحافظة طوباس، ويعتمد سكانها على تربية الماشية والزراعة البعلية، وتحاذيها خِرب "مكحول" و"الحديدية" و"سمرة"، وتحيط بها مستوطنتا "مسكيوت" و"حمدات" ومعسكر "حمدات".
ويسرد الخبير في شؤون الاستيطان بالأغوار عارف دراغمة كيف بنى المستوطنون بؤرتهم الاستيطانية، وحظروا على الفلسطينيين رعي الأغنام والزراعة البعلية في "السويدة".
وقال دراغمة لـ"فلسطين": "قبل أيام أقدم مستوطنون على تسيّيج قطاع واسع من الخربة بسياج كهربائي من الناحية التي يمر بها الفلسطينيون، تقدر مساحته بنحو 15 ألف دونم".
وأشار إلى وجود 3 بؤر استيطانية، و11 مستوطنة كبرى، و9 معسكرات تدريب لجيش الاحتلال، جميعها مقامة على أراضي الأغوار الشمالية المطلة على الحدود الأردنية.
دور فلسطيني ضعيف
وحول دور السلطة الفلسطينية في الدفاع عن هذه الأراضي وحمايتها قال دراغمة: "ما تقدمه السلطة لا يرقى أن نتحدث عنه، ويجب على الكل الفلسطيني أخذ دوره في تعزيز صمود أهالي المنطقة".
ولفت إلى غياب ما أسماها "وقفات حقيقية" من الفلسطينيين مع سكان الأغوار، مشيرًا إلى مناشدات متكررة من المؤسسات الرسمية والأهلية والكل الفلسطيني من أجل الدفاع عن الأغوار "لكن لا حياة لمن تنادي"، وفق تعبيره.
ونوّه إلى أن هذه الأراضي تعود ملكيتها للفلسطينيين، ورغم ذلك فإن الاستيطان لا يزال ينهشها بل إن المستوطنين يعتدون على أصحاب الأرض يوميًا.
دعائم الصمود
وأكد ضرورة أن يوفر الكل الفلسطيني ما يلزم لسكان المنطقة من أجل الثبات والصمود في وجه سياسة الاستيطان المتواصلة، مضيفًا: "يجب تقديم مشاريع بنية تحتية مناسبة لثبات المواطنين وصمودهم ضد السياسات المتبادلة من مؤسسات الاحتلال كل التي تهدف لتهويد الأغوار وطرد الفلسطينيين".
وطالب دراغمة أيضًا نقابة المحامين الفلسطينيين بتشكيل تكتل يعمل على الدفاع عن الأغوار أمام المحافل الدولية.
في السياق ذاته، أكد مسؤول ملف الاستيطان في محافظة طوباس شمال الضفة الغربية المحتلة معتز بشارات، أن الأراضي التي سيّجها المستوطنون تعود ملكيتها للمواطنين الفلسطينيين في انتهاك واضح لحقوق الأرض والإنسان.
وعد بشارات في تصريحات صحفية أمس إقدام مستوطنين على إغلاق مئات الدونمات من خربة السويدة بسياج كهربائي انتهاكًا جديدًا يضاف لمسلسل جرائم الاستيطان بحق الفلسطينيين يجب وقفه، مطالبًا الجهات الحقوقية الدولية بالدفاع عن الفلسطينيين لاستعادة أراضيهم.