بعد انتصار المصلين في هبّة باب الرحمة الأسبوع الماضي وفتح مصلاه وقاعته المغلقين منذ 16 عاما، لم تتمكن مخابرات الاحتلال من الوقوف في وجه آلاف الفلسطينيين الذين عبرت هتافاتهم وتكبيراتهم عن نَفسٍ قوي وقدرة على إنجاز الانتصارات، فبدأت بشن حملة اعتقالات وإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك.
وخلال الأيام القليلة الماضية وبعد فتح مصلى باب الرحمة نفذت أذرع الاحتلال المختلفة حملات اعتقال واسعة طالت العشرات من المقدسيين ممن كان لهم الدور الأبرز في فتح المصلى وكسر الحصار الإسرائيلي عن المنطقة الشرقية بينهم شخصيات في دائرة الأوقاف الإسلامية مثل الشيخ عبد العظيم سلهب والشيخ ناجح بكيرات.
إبعاد بالجملة
وخلال تلك الأحداث اعتقلت قوات الاحتلال العديد من الموظفين وحراس المسجد لمساهمتهم في فتح المصلى، ومن بين هؤلاء، الموظف في لجنة إعمار المسجد الأقصى حسام سدر.
ويبين سدر لـصحيفة "فلسطين" أن قوات الاحتلال وخلال الأحداث التي شهدها المسجد اعتقلته واعتدت عليه بالضرب ثم سلمته أمراً بالإبعاد لمدة أسبوع عن الأقصى مع ضرورة الحضور للتحقيق بعد انتهاء الأيام السبعة، ولكنه لم يمتثل لهذا الأمر فاقتحم منزله فجرا وسلم قرارًا بالإبعاد عن المسجد لستة أشهر.
ويوضح سدر (31 عاما) بأنه بدأ العمل في المسجد الأقصى منذ 12 عاما، حيث تربى في ساحاته وبين مصلياته كما أي مقدسي يعيش في البلدة القديمة التي تحتضن بين منازلها مسرى رسول الله، وخلال هذه السنوات اعتقل ما يقارب 40 مرة وأبعد عن مسجده أكثر من 15 مرة.
ويضيف: "كانت الاعتقالات بحقي منذ بداية عملي في المسجد فالاحتلال عند أي حدث يعتقل أشخاص بعينهم من موظفين وحراس لتصديهم لاقتحامات المستوطنين، وأصبحنا نعلم بقرارات الإبعاد قبل أن تصلنا فمثلا في شهر إبريل قبل عيد الفصح اليهودي عادة ما يتم تسليمي إبعادا عن المسجد كي لا يتم إيقاف المستوطنين عن الاقتحامات وانتهاك حرمة الأقصى".
ويشكو سدر من الحال الذي وصل إليه موظفو المسجد الأقصى؛ إذ يضطرون بسبب الإبعاد للعمل في أماكن بعيدة عن المسجد، لافتًا أن هذا التضييق من شأنه أن يؤثر على عملهم وعلى قوت عائلاتهم فأصبح الموظفون والحراس غير قادرين على عيش حياتهم بشكل طبيعي.
والموظف سدر أب لثلاثة أطفال يحاربهم الاحتلال في قوتهم، موضحًا أن مدة الإبعاد عن المسجد بلغت خمس سنوات من كامل سنوات عمله ما أثر على طبيعة حياته بشكل كامل، فيما يدعو كل من له شأن لمساندة المبعدين والدفاع عنهم بمواجهة الحرب التي يشنها الاحتلال ضدهم بلا هوادة.
100 معتقل
بدوره يقول رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب لـ "فلسطين": إن قوات الاحتلال وخلال أحداث باب الرحمة اعتقلت حتى الآن 100 مواطن فلسطيني من مدينة القدس المحتلة بينهم نشطاء وشخصيات دينية ووطنية.
ويشير إلى أن غالبية المعتقلين أفرج عنهم بعد تسليمهم قرارات بالإبعاد عن المسجد الأقصى المبارك تتراوح مدتها بين ثلاثة إلى ستة أشهر، في حين سلم القسم الآخر قرارات بالإبعاد لمدة تصل في أقصاها إلى أسبوعين مع ضرورة الحضور للتحقيق بعد انتهاء هذه المدة، ومن ثم تسلمهم مخابرات الاحتلال أوامر بالإبعاد لعدة أشهر كما حدث مع الكثيرين.
ويبين أبو عصب بأن عدد الذين صدرت بحقهم قرارات إبعاد حتى اللحظة وصل إلى أكثر من 75 فلسطينيا خلال فترة لا تتجاوز عشرة أيام.
ويضيف: "كل هذه الاعتقالات والإبعادات تهدف إلى تخفيف التواجد الفلسطيني في المسجد الأقصى المبارك من أجل سحب إنجاز فتح مصلى باب الرحمة، ونحن تابعنا حملات الاعتقال والإبعاد بقلق بالغ في ظل صمت عالمي ودولي عما يحدث في القدس".