يوافق اليوم الإثنين الذكرى الـ25 لمجزرة المسجد الإبراهيمي التي ارتكبتها مجموعة من المستوطنين عام 1994 بزعامة المتطرف باروخ غولدشتاين داخل المسجد بمدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، واستشهد فيها 29 مصليًا وجُرح 150 أخرين.
ونفذ غولدشتاين المجزرة فجر يوم الجمعة الموافق 15 من رمضان عام 1414 هجري الـ25 من فبراير عام 1994 ميلادي، إذ دخل إلى المسجد في وقت الصلاة وهو يرتدي بزته العسكرية وأفرغثلاثة مخازن من بندقيته الرشاشة في المصلين الفلسطينيين وهم يؤدون صلاة الفجر.
وبعد استشهاد الـ29 مصليًا وإصابة أخرين انقض عدد من المصلين الناجين من المجزرة على غولدشتاين وقتلوه.
وأغلق جنود الاحتلال المتواجدون في المسجد أبوابه لمنع المصلين من الهرب، كما منعوا القادمين من خارجه للوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، وفي وقت لاحق استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد وأثناء تشييع جنازات الشهداء زاد عدد الشهداء ليصل إلى 50 شهيدًا.
وفي اليوم نفسه تصاعد التوتر في مدينة الخليل وقراها وكافة المدن الفلسطينية، وبلغ عدد الشهداء الذين ارتقوا نتيجة المواجهات مع جنود الاحتلال إلى 60 شهيدًا.
وعلى إثر المجزرة أغلقت قوات الاحتلال المسجد الإبراهيمي والبلدة القديمة لمدة ستة أشهر كاملة بدعوى التحقيق في الجريمة، وشكّلت من طرف واحد لجنة تحقيق برئاسة رئيس المحكمة العليا الإسرائيلية القاضي "مئير شمغار" للتحقيق في المجزرة وأسبابها.
وخرجت اللجنة في حينه بعدة توصيات منها تقسيم المسجد الإبراهيمي إلى قسمين، وفرضت واقعًا احتلاليًا صعبًا على حياة المواطنين في البلدة القديمة، ووضعت حراسات مشددة في المنطقة.
وأعطت اللجنة للاحتلال الحق في السيادة على نحو 60% من المسجد بهدف تهويده والاستيلاء عليه، وتكرر منع الاحتلال رفع الآذان في المسجد مرات عديدة، كما أوصت بفتح المسجد كاملًا 10 أيام للمسلمين في السنة فقط، وفتحه 10 أخرى أمام اليهود.
وكان المتطرف المذكور يبلغ من العمر "42 عامًا" عند ارتكابه المجزرة وهو طبيب يهودي من مؤسسي حركة "كاخ" الدينية، قدم من الولايات المتحدة الأميركية عام 1980، وسكن في مستوطنة "كريات أربع" المقامة على أراضي المواطنين في مدينة الخليل.
ويضم القسم المحتل حاليًا من المسجد: مقامات وقبور أنبياء، وشخصيات تاريخية، إضافة إلى صحن المسجد (المنطقة المكشوفة).
وشددت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية على أن المسجد الإبراهيمي الشريف، مسجد إسلامي خالص، بملكية وقفية للمسلمين لوحدهم، ولا يغير من هذه الصفة أي قرار مهما كان، وأن تقسيمه زمانياً ومكانياً لن يتم تمريره بأي شكل من الأشكال على المسجد الأقصى.
وأكدت الأوقاف في بيان، اليوم الإثنين، أنها هي صاحبة الولاية والسيطرة على الحرم من الناحية الدينية والإدارية والقانونية، استنادًا إلى قرار مؤسسة اليونسكو إضافة الحرم الإبراهيمي إلى قائمة التراث الإسلامي العالمي.
وعبرت الأوقاف عن رفضها بشدة كل الإجراءات التهويدية التي يتخذها الاحتلال بحق الحرم ومحيطه والبلدة القديمة.
وبينت الأوقاف أن الحرم الإبراهيمي لا يزال يتعرض لانتهاكات خطيرة من الاحتلال الإسرائيلي، وقطعان مستوطنيه، فمنعت سلطات الاحتلال رفع الأذان على مآذن المسجد 631 وقتًا خلال العام 2018م، في حين أغلق أمام المصلين عشرة أيام، وتعرض لأكثر من 48 انتهاكًا واعتداء من أنواع مختلفة "الأمر الذي يستدعي منا العمل وبجدية على إيقاف هذه الانتهاكات".
واعتبرت أن "ما تعرض له المسجد الإبراهيمي من تقسيم زماني ومكاني وأدى فيما أدى إلى سيطرة باطلة قانونًا وشرعًا وأخلاقًا على هذا المكان المقدس لدى المسلمين، ليس في فلسطين وحدها وإنما في العالم الإسلامي بأجمعه؛ لن يتم تمريره بأي شكل من الأشكال على المسجد الأقصى الذي يتعرض لحملة ظالمة وانتهاكات خطيرة تتعلق بالسيادة عليه، وكان آخرها محاولة السيطرة على مصلى باب الرحمة".
وطالبت الأوقاف أهالي فلسطين عامة، ومدينة خليل الرحمن على وجه الخصوص، بشد الرحال إلى المسجد والتواجد فيه وإعماره بالصلاة والعبادة.