فلسطين أون لاين

خبيران: اعتقال الاحتلال المرجعيات الدينية محاولة لفكفكة حراك نصرة "باب الرحمة"

...
صورة أرشيفية
القدس المحتلة- غزة/ فاطمة الزهراء العويني:

عدَّ خبيران مقدسيان، اعتقال الاحتلال الإسرائيلي مرجعيات دينية مقدسية من دائرة الأوقاف الإسلامية، محاولة لكسر عزيمة الحراك الشعبي الذي انتفض دفاعًا عن "باب الرحمة" في المسجد الأقصى المبارك، مؤكدين أن "تلك الخطوة الحمقاء لها مفعول سلبي على الاحتلال، إذ جعل الجماهير أكثر حماسًا والتفافًا حول مرجعياتها الدينية".

وأوضح الخبيران في حديثيْن منفصليْن لصحيفة "فلسطين" أن ما حدث في باب الرحمة هو صفعة لمخططات الاحتلال الذي أغلقه لأجلها منذ 16 عامًا مضت، لاتخاذه محورًا لتقسيم "الأقصى" مكانيًّا.

وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلت صبيحة أمس رئيس مجلس الأوقاف في القدس الشيخ عبد العظيم سلهب، ونائب مدير أوقاف القدس الشيخ ناجح بكيرات، من منزليْهما وأبعدتهما عن الأقصى.

انكشاف زيفه

مدير مركز المخطوطات في المسجد الأقصى رضوان عمرو، بيّن أن اعتقال الاحتلال الشيخين سلهب وبكيرات "جاء بسبب تخبطه إثر انكشاف زيفه وادعاءاته بخصوص باب الرحمة"، قائلاً: "تلك الخطوة الحمقاء كان لها مفعول سلبي على الاحتلال ومخططاته، إذْ استدعت تدخلًا رسميًّا من أعلى المستويات في الأردن كوزارتي الخارجية والأوقاف؛ للضغط على الاحتلال".

وأضاف عمرو أن هذا الفعل سيثير أيضًا الجماهير أكثر ويجعلها أكثر اندفاعًا وحماسا، مبينًا أن الجمعة القادمة ستحمل عنوان "لا للإبعاد"، حيث سيُصلي 120 شابًّا مع مرجعياتهم الإسلامية المبعدين عن القدس، وسيخطب الجمعة -على الأغلب-الشيخ سلهب أو بكيرات على أعتاب الأقصى.

وأكد ضرورة وجود وقفة جادة ضد قرارات الإبعاد التي أصبحت تطال عددًا كبيرًا من المقدسيين يوميًّا، قائلًا: "إن الاحتلال أراد فصل قيادة الحراك الشعبي ومرجعياته الدينية عن الشباب الثائرين، الأمر الذي كان له مردود عكسي، إذ زاد الجماهير المقدسية تمسكًا والتفافًا حول مرجعياتها التي قادت فتح باب الرحمة، وتصر حاليًا على ترميمه للمصلين".

وأردف: "تكلل نشاطنا بإنجاز قانوني هام، قرابة الساعة الواحدة ظهر أمس، لطاقم الدفاع عن باب الرحمة من عددٍ من خيرة المحامين باستصدار قرار منمحكمة الاحتلال المركزية بالقدس بعدم وجود علاقة لشرطة الاحتلال بباب الرحمة، وعودة الأوقاف الإسلامية لاستخدامه دون قيد أو شرط، ما يمثل صفعة لمساعي الاحتلال منذ 16 عامًا للسيطرة عليه".

وبين عمرو أن ذلك يعني أن شرطة الاحتلال ليس لها سلطة باعتقال أو إبعاد أي شخص يريد الاقتراب من باب الرحمة، متابعًا أن "ذلك حقق للمقدسيين نجاحًا غير مسبوق باستعادة جزء أصيل من المسجد الأقصى من المستوطنين وجماعات الهيكل المزعوم، بعد أن أغلقوه 16 عامًا، حيث تبخرت كل إنجازاتهم ومخططاتهم لتقسيم الأقصى مكانيًّا في 16 ساعة".

وأضاف: "إجراءاتهم من إبعاد لحلقات العلم والمرابطين والحراس عن باب الرحمة واعتبار المرور من جانبه تهمة يعتقل صاحبها بهدف اقتطاع جزء من الأقصى، أصبحت كلها بلا قيمة حينما انتفض المقدسيون على قلب رجل واحد، وها هم يصلون اليوم فيه بحرّية".

ولفت إلى وجود رسالة من حاخام إسرائيلي عام 2014 موجهة لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو يطالبه فيها بتسليم باب الرحمة للحاخامية العليا بهدف افتتاح كنيس يهودي داخلها، كخطوة متقدمة على سبيل إقامة الهيكل المزعوم ومقاسمة المسلمين في قبة الصخرة.

عدم التسليم بانتصارهم

بدوره، قال الخبير والكاتب المقدسي راسم عبيدات: إن الاحتلال يدفع نحو التصعيد باستمرار الاعتقالات للمقدسيين والشخصيات الدينية المقدسية، لأنه لا يريد التسليم بانتصار المقدسيين في هبة "باب الرحمة"، حيث يواصل اعتقال عدد من الشبان بجانب اعتقاله لـ"سلهب" و"بكيرات" وإصدار أوامر إبعاد إدارية بحقهم.

وأشار عبيدات إلى أن مواقع الإعلام العبرية تؤكد مضي الاحتلال في عمليات الملاحقة للمقدسيين، لافتا إلى أنه "باعتقال سلهب وبكيرات يوجه الاحتلال للأردن الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية بالقدس بأنه غير راضٍ عن توسيعها لمجلس الأوقاف الإسلامية (صار يضم 18 شخصية بدلًا من 11)، ولن يعترف بشرعيته، وأنه صاحب السيادة على الأرض في محاولة لتقليص الدور الأردني في القدس".

وأضاف أن الاحتلال يريد كذلك تغييب شخصيات تساهم برأيه في تأجيج الحراك الشعبي في الأقصى، حيث تحرك المجتمع المقدسي بكل مكوناته وليس مجلس الأوقاف فقط في هبة "باب الرحمة"، وواظب المقدسيون على أداء صلوات المغرب والعشاء فيه منذ الثلاثاء الماضي.

وبين عبيدات أن إغلاق الاحتلال باب الرحمة تم في 2003 بزعم أن لجنة التراث الإسلامي المشرفة عليه على علاقة بـ"تنظيم إرهابي" (حركة حماس)، فتم إغلاق مصلى باب الرحمة وساحاته، وجدد إغلاقه بقرار قضائي عام 2017.

وأشار إلى أن المقدسيين يشعرون بخطورة ما يقوم به الاحتلال في المنطقة الشرقية للأقصى، حيث استولى على جزء من مقبرة باب الرحمة وحولها لمسارات تلمودية وحدائق توراتية، ما جعلهم على يقين بأن استمرار إغلاق مصلى باب الرحمة هو لإتمام التقسيم المكاني للمسجد المبارك.

وأوضح أن الاحتلال كان يحاول السيطرة تدريجيًّا على منطقة باب الرحمة وصولًا لفتحه مستقبلًا بزعم كونه باب الهيكل المزعوم، ما سيؤدي لتواصل جغرافي مع حائط البراق ومنطقة القصور الأموية، وصولًا لفرض تغيير قانوني وتاريخي في المسجد الأقصى.

وأشار إلى أن مجلس الأوقاف بالقدس والحراك الشعبي والشباب المقدسي انتفض لمنع الاحتلال من التقسيم المكاني "لـلأقصى"، فاقتحم ساحات مصلى الرحمة وأزال الأقفال والسلاسل.