يخوض المقدسيون بعد هبة باب الرحمة غمار حربٍ على الصعيد الجماهيري والقانوني للحفاظ على استمرار فتح مُصلى ومبنى باب الرحمة بعد إغلاقه من قبل الاحتلال 16 عامًا، وسط موجةٍ من الاعتقالات تشنها قوات الاحتلال بحق حراس ومرابطي الأقصى.
ويؤكد الخبير في شؤون القدس د. جمال عمرو أن الاحتلال يسعى لتهويد الأقصى "على نار هادئة"، من خلال 12 مشروعًا صُدِّقَ عليها من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أحدها إغلاق باب الرحمة الذي أفشله المقدسيون، والتلفريك الذي يمر فوق القدس، وعدة مشاريع أخرى.
وقال عمرو لصحيفة "فلسطين": إن الاحتلال سيعمل جاهدًا في الأيام القادمة لتعزيز تفويج المستوطنين بحماية الجيش، لأداء صلوات تلمودية بجوار باب الرحمة كنوع من المقايضة، بعد الضربة التي تلقوها بفتح المصلى وانهيار مخططاتهم التي دُفع من أجلها ملايين الشواقل لتجهيز بنية تحتية وكُنس داخلية وخارجية وكأن الاحتلال يقول للمقدسيين: "لن نمرر ما فعلتموه".
وأوضح أن الاحتلال يخشى المواجهة الجماعية مع المقدسيين لذلك انحنى أمام العاصفة للمواجهة بشكل فردي مع حراس ومرابطي المسجد والمقدسيين باعتقالهم وإبعادهم وفرض الضرائب الباهظة، وهذا ما يحدث الآن بالفعل.
حيث اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي نحو 100 مقدسي في أعقاب الأحداث التي شهدها المسجد الأقصى المبارك، احتجاجًا على إغلاق مصلى باب الرحمة.
وأكد عمرو أن الأوقاف الإسلامية وأصحاب الاختصاص بدأوا بعمليات الترميم للمكان والقاعات المهجورة، ومن ثم إعادة باب الرحمة كمصلى، وتعيين إمام راتب لإمامة المصلى في الصلوات الخمس عدا يوم الجمعة، حيث سيصبح في الأقصى ثلاثة مواقع للصلاة الجامعة (القبلي، والصخرة، والرحمة)بعد إغلاقه لـ16 عامًا.
وذكر أنه سيتم فتح مكاتب للمحكمة الشرعية، وكرسي الإمام الغزالي لإحياء علوم الدين، ومكاتب للأوقاف الإسلامية، منوهًا إلى أن الإمام أبا حامد كان من بين العلماء الذين يعقدون جلسات علمهم ودروسهم داخل باب الرحمة.
ونوه عمرو إلى أن الهدف من ذلك إبقاء قدم المقدسيين ليلًا ونهارًا في منطقة الرحمة، وإبقاء المصلى مفتوحًا على الدوام والسير نحو مساعي المقدسيين في هدم مشاريع الاحتلال في القدس منها التلفريك المزمع إنشاؤه، والسقالات المنتشرة فوق باب المغاربة.
معارك قانونية
ومن جانبه أكد المحامي المقدسي حمزة قطينة، أن معركة قانونية يخوض غمارها محامون جاءت بالتوازي مع الحراك الشعبي لمنع إغلاق باب الرحمة ومصلاه الأموي مرة أخرى.
وذكر رئيس طاقم الدفاع لإبطال قرار شرطة الاحتلال بإغلاق مصلى باب الرحمة في تصريحات صحفية، أن محاولات الاحتلال لا تتوقف لإيجاد ذرائع قانونية تمكنه من إغلاق باب الرحمة واعتقال وإبعاد المقدسيين، وهو ما تواجهه طواقم الدفاع.
وأوضح أن عددًا من محامي القدس ترافعوا في الأيام الماضية عن المعتقلين من باب الرحمة وقدموا الدفاع القانوني عنهم، وتمكنوا من انتزاع قرارات قضائية مهمة جدًا لمصلحتهم.
وجاء قرار الإغلاق لباب الرحمة عام 2003، عن ما يسمى بـ" محكمة الصلح"، الذي لم ينص في بادئ الأمر على إغلاق الكامل للباب والمصلى بل إغلاقه في وجه أنشطة لجنة التراث الإسلامية التابعة لأوقاف القدس، إلى حين اكتشاف موظفين في لجنة التراث الإسلامي حفريات بجوار الباب والمقبرة، ما دعا الاحتلال إلى حل اللجنة وإغلاق باب الرحمة تمامًا.
وللمرة الأولى منذ 16 عاما، نجح آلاف المصلين الجمعة الماضي من الدخول إلى مصلى باب الرحمة المغلق من قبل الاحتلال.
ويقع باب الرحمة في السور الشرقي للمسجد الأقصى داخل مبنى مرتفع ينزل إليه بدرجات من المسجد الأقصى، وهو باب قديم وضخم يتكون من بوابتين متلاصقتين؛ باب الرحمة جنوبًا، والتوبة شمالاً، ويبلغ ارتفاعه 11.5 م، ونسبة إلى هذا الباب سميت المقبرة الإسلامية الملاصقة له بمقبرة الرحمة.