ارحل يا عباس، تعني أن الشعب لا يريد عباس في الحكم. ارحل تعني أن الكيل طفح، وأن السيل بلغ الزبا، وأنه ليس في القوس منزع. ارحل ليست عبارة إعلامية، ولا مزايدة، ولا مهاترة، بل هي قرار سياسي شعبي وفصائلي يطالب بسقوط عباس، ويضع حدّا سياسيا لوجوده في السلطة. الجماهير التي خرجت استجابة للحراك الشعبي عبّرت بوضوح أنها لا تريد استمرار سلطة عباس في الحكم، وأنه عليه الاستجابة لطلب الشعب.
الموقف الشعبي يعبّر عن موقف سياسي جديد. الموقف يقول لا تعامل سياسي بعد الآن مع عباس. عباس لا يمثل الشعب، ولا يمثل الفصائل، حتى تلك التي رفضت الحراك الشعبي، لأن أعضاءها شاركوا في الحراك تعبير عن رفضهم لسياسات عباس.
سياسات عباس أثبتت فشلها في مقاربة القضية الفلسطينية، وأثبتت فشلها في إرساء نظام ديمقراطي حقيقي، وأثبتت فشلها في بناء الدولة الفلسطينية، وأثبتت فشلها المفاوضات، وأثبتت فشلها في حماية الأرض الفلسطينية من الاستيطان، وفي حماية القدس من التهويد، ومن التفريغ، وأثبتت فشلها على المستوى العربي، والدولي، وكأن فلسطين باتت بلا أصدقاء. عباس وقف في الجانب الغلط عربيا ودوليا، وداخليا. يكفي أنه وقف مع (إسرائيل) في حصار غزة، وقمع المقاومة، ونشر البطالة والفقر بين السكان. عباس سحب السيولة النقدية من غزة من خلال سياسة نقدية مناورة عبر البنوك. عباس قطع رواتب آلاف الموظفين، وقطع مؤخرًا رواتب 1700 أسير من غزة، ويزعم أنه سيدفع آخر قرش معه للأسرى؟! عباس أعلن عداوته لغزة ولسكانها، وزعم في أحاديث داخلية أنهم( زبالة)؟!
عباس دمّر حركة فتح، ودمر منظمة التحرير، ودمر المجلس الوطني، وجعل هذه المؤسسات فارغة المضمون، وتعبر عن فتح، وجمع حوله التيار الأقرب (لإسرائيل)، وحطم المصالحة، وجعلها من نوافل القول، وزعم أن حماس هي من تتعامل مع صفقة القرن، بينما حماس على قائمة الإرهاب في (أميركا وإسرائيليا)، وسيادته يبعث برسائله لتل أبيب وواشنطن مع الوسطاء؟!
ارحل يا عباس، هي الجملة النهائية التي يطلقها الشعب الفلسطيني في فبراير2019م، وفي يوم اجتماع قمة عربية أوربية في شرم الشيخ. وكان عباس قد زعم يوما لوسائل الإعلام أنه لو خرج عشرة من شعبه يطالبه بالرحيل لرحل فورا؟! ومن ثمة يمكن القول إن حرك الشعب يوم الأحد 24 فبراير هو امتحان حقيقي لهذه المزاعم. وقديمًا قالوا: الرجل عند كلمته؟!