المقاطعة هي أولى الخطوات التي يمكن لمستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي اتخاذها لمكافحة حسابات الاحتلال، إحدى أذرعه المستخدمة ضد وعي الشعوب العربية والإسلامية، لاسيما الشعب الفلسطيني.
ويدير الاحتلال الإسرائيلي ومخابراته عشرات الحسابات المعروفة وغير المعروفة على مواقع التواصل الاجتماعي -وخصوصًا (فيس بوك)- لتحقيق أهدافه، ويجند في سبيل ذلك الأموال الطائلة والإمكانات الكبيرة.
ويحذر أستاذ الإعلام في الجامعة الإسلامية بغزة د. طلعت عيسى من أن مخابرات الاحتلال الإسرائيلي تستخدم حساباتها في مواقع التواصل لاستغلال الشباب، ومحاولة تجنيدهم، أو استخلاص معلومات منهم.
ويوضح عيسى لصحيفة "فلسطين" أن التقليل من تأثيرها يكون في الأساس بالتوعية بخطورتها، والتركيز على عدم التعامل معها مطلقًا، حتى بالتعليقات التي ترد عليها، قائلًا: "فهم لا ينزعجون من التعليقات المسيئة، لأنها تسهم في تحقيق الهدف الرئيس لهذه الصفحات، وهو انتشارها عند الشعوب العربية، والشعب الفلسطيني".
ويضيف: "بالتزامن مع ذلك يجب أن تقدم الصفحات العربية والفلسطينية الحقائق كاملة، وتحاول التواصل مع شعوبها؛ حتى لا تترك فراغًا تتسلل منه هذه الصفحات الخبيثة".
وتعمل حسابات الاحتلال باللغة العربية في مواقع التواصل على تحسين الصورة الذهنية عن كيان الاحتلال بإظهاره بصورة "إنسانية" مزعومة، والتواصل مع الشعوب العربية والإسلامية وكسر الحواجز معها، وفق قول عيسى.
"ولتحقيق هذا الهدف -يقول عيسى- نرى كثيرًا من هذه الحسابات تنشر التهاني بالمناسبات الدينية الإسلامية والمسيحية والوطنية للدول العربية، وتسوق المسوغات لمواقف الاحتلال".
ويلفت إلى أن القائمين عليها يستخدمون آيات من القرآن الكريم، والأمثال الشعبية الفلسطينية والعربية، وينشرون الصور التي تدعي إنسانيتهم وتعاونهم والخدمات التي يقدمونها، مثلما تفعل صفحة "المنسق"، كما يتناولون فيها المأكولات الشعبية الفلسطينية، ويرتشفون القهوة العربية.
ويحذر عيسى من خطورة تلك الحسابات "لأنها تخترق المجتمعات العربية، وتغير من صورة العدو المرتسمة في أذهان الشعوب العربية والإسلامية، وتخدع الكثيرين"، مشيرًا إلى وجود حسابات مخصصة لدول بعينها، مثل حسابي: "إسرائيل في مصر"، و"إسرائيل في الأردن"، وغيرهما.
"الإعلامي الحكومي" يُحذِّر
من ناحيته يذكر رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة سلامة معروف سبيلين لتقليل تأثير هذه الحسابات على المجتمع الفلسطيني، قائلًا: "إن أولهما هو ديمومة حملات التوعية والتثقيف التي نطلقها وتنظمها العديد من الجهات، وتتضمن بيان مخاطرها والتحذير من التعامل معها بشكل أو بآخر".
ويتابع معروف لصحيفة "فلسطين": "إن السبيل الآخر هو المتابعة من الجهات الأمنية، لأننا نعي تمامًا أن أحد الأخطار التي يمكن أن تترتب عن هذه الصفحات محاولات تجنيد مخابرات الاحتلال بعضًا من ضعاف النفوس، أو ذوي الحاجات باستغلالهم، للعمل معها".
ويضيف: "نتابع أمر هذه الصفحات كل مدة، ونصدر تنبيهات وتحذيرات من التعامل مع صفحات نرى أنها بشكل أو بآخر تتبع الاحتلال وتخدم أجندته، وأصدرنا مرات عدة تعليمات، وذكرنا أسماء الصفحات التي تعمل لأجندة الاحتلال، وحذرنا منها".
ويشير إلى أن حسابات الاحتلال في مواقع التواصل الاجتماعي تأتي في سياق الدعاية التي يوجهها الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، منبهًا إلى أنها قسمان: أولهما معلن ومعروف ومباشر، مثل حسابي "المنسق" والمتحدث باسم جيش الاحتلال وغيرهما، والآخر غير معروف وغير مباشر، ولا يمكن الجزم بأنها تتبع الاحتلال إلا بتفحص المحتوى الذي تقدمه.
ويحذر من أن "الخطورة تكمن في الصفحات غير المباشرة أكثر من المباشرة"، مكملًا: "ربما يكون هناك شيء من التفاعل مع صفحات الاحتلال المعروفة، وهو أمر نراه سلبيًّا، وإن كان هذا التفاعل من الجمهور الفلسطيني سلبيًّا تجاه منشوراتها، ومعظم التعليقات إما بالرد بالسباب والشتائم على ما يدعيه المنسق وغيره، أو تفنيد ودحض ما يقولونه".
ويتابع: "عمومًا نفضل عدم التعاطي مع هذه الصفحات، لذلك نفذنا عدة حملات توعية وتثقيف للجمهور الفلسطيني بخطورة التعاطي معها".
ويرى معروف أن تأثير تلك الصفحات سيبقى محدودًا، أولًا لحالة الرفض الموجودة عند الشعب الفلسطيني والشعوب العربية تجاه الاحتلال، وثانيًا لأن عملية تغيير السلوك والمعتقدات تحتاج إلى سنوات طويلة.
يستدرك: "لكن ذلك لا يعني أن نقلل من خطرها، لذلك نؤكد أهمية استمرار الحملات الرامية إلى توعية الجمهور الفلسطيني والعربي والإسلامي، والتحذير منها".