بفعل سياستكم التي لا ترى حلاً للقضية الفلسطينية إلا من خلال المفاوضات، وتوطيد العلاقة مع المحتلين الإسرائيليين، وتقديس التعاون الأمني لمحاربة المقاومة والمقاومين، حققت إسرائيل الحد الأقصى من الأمن والاستقرار والازدهار الذي لم يحلم به مؤسسوها الأوائل، وخسر الفلسطينيون أنفسهم ومكانتهم وشخصيتهم بالقدر الذي لم يتخيله أي متشائم عبر التاريخ، ولمزيد من التفصيل، سأحدد في نقاط ما وصلت إليه القضية جراء سياستكم ونهجكم:
1ـ تمت إزاحة القضية الفلسطينية عن جدول اهتمام العالم، وتم عقد مؤتمر وارسو بحضور تسع دول عربية، لتكون إسرائيل الدولة العاشرة، دون وجود فلسطيني، أو قدرة على التأثير!.
2ـ تم التطبيع بين المحتلين الصهاينة والعديد من الدول العربية دون اشتراط العلاقة بين الدول العربية وإسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة!
3ـ صارت القضية الفلسطينية قضية إنسانية، لا يشغل بال سلطتكم إلا توفير الرواتب للموظفين آخر الشهر، والحصول على المساعدات المالية من الدول العربية!.
4ـ انقسمت منظمة التحرير على نفسها، ولم تعد نقطة إجماع للشعب الفلسطيني، ولا نقطة لقاء التنظيمات الفلسطينية، وتمت الاستعاضة عن البيت المعنوي للشعب الفلسطيني، بسلطة مرتبطة بحبل سري من المال والمصالح بالاحتلال الإسرائيلي!.
5ـ استفرد اليهود بأرض الضفة الغربية، وعززوا استيطانهم فيها، وضاعفوا مساحة المستوطنات، وضاعفوا عدد المستوطنين مرات عدة!.
6ـ تم الفصل الروحي والمعنوي بين أهل غزة وأهل الضفة الغربية، فصارت غزة تحترق بنيران الحروب، والجوع والحصار، في الوقت الذي لم تسمح فيه فخامتكم للضفة الغربية بأن تذرف مجرد دمعة حزن أو غضب على أهل غزة.
7ـوفي عهدكم تم توحيد القدس عاصمة أبدية لدولة إسرائيل، وتم حسم أمرها، وإسقاطها عن جدل أعمال أي مفاوضات ممكن أن يوافق عليها الإسرائيليون في المستقبل.
8ـ تم تقزيم دور المؤسسات الفلسطينية، وغاب عن الوجود المجلس التشريعي، وتم طمس الإرادة الفلسطينية، حتى صارت حركة فتح حركتين، وصارت غزة والضفة الغربية منطقتين، وصارت القضية الفلسطينية شقفتين؛ شقفة تؤيد التعاون الأمني مع الاحتلال، وشقفة تصر على مقاومة الاحتلال، وما بين المنطقتين غابات كثيفة من الأحقاد والضغينة والكراهية غير المسبوقة.
9ـ تم شطب قضية اللاجئين من جدول اهتمام المجتمع الدولي، وصارت الأونروا تلهث لتوفير الخدمات الضرورية للاجئين، وصار حق العودة ليس مقدساً، وصدر عنكم بالصوت والصورة تعهد بعدم إغراق إسرائيل بملايين اللاجئين.
10ـ تم حصار غزة، ومعاقبة أهلها، وقطع مخصصات الأسرى والجرحى وعوائل الشهداء، وصار الشغل الشاغل للمواطن الفلسطيني لقمة الخبز المغمسة بالمذلة، وهو يرى المخابرات الإسرائيلية تقتحم مدن الضفة الغربية لتقتل وتعتقل بلا مقاومة!.
11ـ انتهى إلى الأبد حل الدولتين، ولم يبق للفلسطينيين من أرض وكيان وحضور وتأثير وقيمة معنوية وسياسية تتجاوز ما يقرره المحتل بشأنهم.
12ـ سيطر منسق الحكومة الإسرائيلية على مجمل حياة الناس في الضفة الغربية، حتى تجاوز عدد العمال الفلسطينيين في المستوطنات الإسرائيلية 200 ألف عامل فلسطيني، تتقاضى السلطة 2500 شيكل مقابل كل تصريح شهري للعامل الواحد!.