تسلمت أم ضياء العايدي، رسالة من رياض الأطفال، يقول فحواها "يجب عليكم تسديد الرسوم المستحقة لإدارة الرياض .. وفي حال عدم مقدرتكم على الدفع فإننا لن نستقبل ابنتكم".
رسالة لم تعتد العايدي، استلامها من أي مؤسسة أو جهة ما، غير أن الأزمة التي يشهدها قطاع غزة، جراء الحصار الإسرائيلي والعقوبات التي تفرضها السلطة على السكان، عصفت بمختلف مناحي الحياة.
وتقول العايدي: "اضطررت لتغييب طفلتي عن رياض الأطفال، فترة زمنية، إلى أن استطاع والدها تدبير دفعة من الرسوم، ثم أعدتها للدراسة .. لكن الآن حان وقت الدفعة الثانية، وسأضطر لعدم إرسالها للروضة مجدداً حتى أوفر لها الرسوم".
ولم تخف الأم الآثار النفسية على أسرتها جراء الأزمة المالية التي عصفت بأسرتها منذ تلقي زوجها نسبة 50 % من راتبه الشهري كونه موظفا في السلطة الفلسطينية.
وتضيف: "أشعر بالحزن حينما أضطر لتغييب طفلتي عن رياض الأطفال، فهي تحبها ولا تفضل الغياب عنها".
ويعيش أهالي قطاع غزة، أزمات مركبة، جراء الحصار الإسرائيلي الممتد منذ أكثر من 12 عاما، والعقوبات التي فرضتها السلطة منذ أبريل/ نيسان 2017م، وشملت خفض نسبة رواتب الموظفين إلى 50%، وإحالة آلاف الموظفين للتقاعد القسري، وفصل الآلاف، وقطع مخصصات أهالي الشهداء والأسرى والجرحى.
آثار سلبية
وأوضحت نائب مديرة روضة وحضانة شهد، خديجة صرصور، أن الأزمة المالية التي تعصف بقطاع غزة، وخاصة أزمة رواتب الموظفين، ألقت بظلالها السلبية بشكل كبير جدا على رياض الأطفال.
وقالت صرصور لصحيفة "فلسطين": الآلاف من الآباء غير قادرين على دفع رسوم أبنائهم لرياض الأطفال، الأمر الذي جعل رياض الأطفال غير قادرين على تسديد رواتب المعلمات أو سائقي الباصات أو فواتير الكهرباء والجوال والهاتف وإيجار المكان.
وأضافت " إنه أمر مؤسف أن تكون رياض الأطفال مديونة".
وأشارت إلى الأزمة المالية القائمة أثرت أيضا على أعداد الأطفال المسجلين في رياض الأطفال، فبعد أن كان لدى الرياض 280 طفلا، أصبح عددهم نحو النصف، كما أثرت على عدد أطفال البستان الذين كان عددهم سابقا يفوق عدد أطفال التمهيدي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد فقط، وفق صرصور، بل تجاوزلدرجة اضطرار أولياء الأمور لسحب أبنائهم من رياض الأطفال، واضطرارهم إلى إرسال أطفالهم سيرا على الأقدام دون "الباصات".
وتتابع: الملاحظ الأبرز في رياض الأطفال، أن مصروفات الأطفال تكاد تكون معدومة.
حلول قسرية
جميع العوامل والظروف السابقة، دفعت مديرة روضة "فور فلوز" وفاء الحصري، إلى البحث عن حلول قسرية، كتخفيض رواتب المدرسات، والبحث عن مكان إيجار أقل تكلفة من المقر الحالي.
وذكرت الحصري لصحيفة "فلسطين" أن الأزمة القائمة ألقت بمشاكل نفسية على الأطفال كالخجل والانطواء.
وقالت: "استعنا بأخصائية نفسية وجدت من خلال عملها أن أكثر المشاكل التي يواجهها أطفال الروضة هي عدم توفر القدرة المالية لدى ذويهم على توفير متطلباتهم حتى على مستوى القرطاسية كما أنَّ أطفالا كثيرين لا يحضرون معهم (ساندوتشات) وليس لديهم القدرة على الشراء من المقصف".
وأشارت إلى أهمية التكافل الاجتماعي في هذا الوقت، وإعطاء إدارة الرياض الفرصة للأهالي لدفع المستحقات عليهم، وتوزيع وجبات الفطور على الأطفال.