أصبحت زيارة أم إيهاب (37 عاما) إلى ذويها في المملكة الهاشمية الأردنية، أمنية تتمنى تحقيقها.
أم إيهاب التي فضلت عدم ذكر اسمها كاملاً ولدت في الأردن، وانتقلت إلى غزة "للزواج" عام 2005، عبر معبر رفح البري، بعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي منه.
حينها كانت تملك جواز سفر أردنيًا مدة صلاحيته خمس سنوات، والذي انتهت صلاحيته أثناء وجودها مع زوجها في غزة.
تقول أم إيهاب لصحيفة “فلسطين” إنها لا تملك رقما وطنيا وحصلت على هوية زرقاء من وزارة الداخلية في قطاع غزة، مكنتها من الحصول على كافة حقوقها داخله فقط، أما خارجه فلا يُعترف بها.
وعندما أرادت السفر إلى الأردن لزيارة ذويها، حصلت على جواز سفر صادر على السلطة في رام الله، يطلق عليه اسم “الجواز المُصَفَّر”، من أجل تسهيل سفرها.
وأضافت: “عندما احتجت إلى جوازي وحاولت المرور عبر معبر رفح البري، صدمت بقرار الأشقاء في مصر بأنه لا يمكن لها المرور، وعليها العودة إلى غزة من حيث أتت”.
سألت أم إيهاب عن السبب ووصلت إلى نتيجة مفادها أن السلطة أصدرت قرارا بعدم التعامل مع حاملي الجوازات المصفرة.
وأعربت عن أملها بالسماح لها بالسفر ومغادرة غزة عبر معبر رفح، من أجل زيارة عائلتها في الأردن، وتلقّي طفلها المريض العلاج المناسب في الأراضي الأردنية.
وأوضحت أن الجواز صادر عن رام الله ومطلوب فقط من الجهات المعنية الإيعاز للسلطات المصرية بضرورة السماح لحملته السفر دون أي معوقات.
وبهذا الأمر تفرض السلطة رزمة متنوعة من العقوبات على اللاجئين الفلسطينيين الذين لجؤوا مرة أخرى إلى قطاع غزة، لأسباب عدة، بمنع تصديق الأوراق الثبوتية الصادرة عنها نفسها، ومنع كثيرين من الحصول على جوازات سفر.
يذكر أن الحصول على جواز سفر مصفّر من دوائر السلطة الرسمية ليس بالأمر الهين، وهو جواز بلا رقم هوية، ويطلق عليه اسم “جواز للاستعمال الخارجي”، ويمنح للاجئين الذين جاؤوا من الخارج ولا يحملون أرقامًا وطنية.
وجواز السفر المصفّر أصبح بالنسبة لـ”جمال” -وهو اسم مستعار لرجل ثلاثيني رفض الكشف عن هويته لحساسية الأمر بالنسبة له- ورقة بالية لا قيمة لها.
فهو الآخر جاء إلى غزة طفلًا برفقة مع والده من العراق التي كان لاجئًا فيها عبر تصريح زيارة، ولم يستطع الخروج منها؛ إلا مرة واحدة ضمن وفد دبلوماسي إلى القاهرة، واستغل حينها وجوده في استخراج وثيقة مصرية أحقته له جنسية والدته المصرية، والتي يعتقد أنها ستكون المنقذ له.
عاد جمال إلى غزة بعد نحو شهرين لتهديد كاد أن ينهي خدمته من الوظيفة التي يعمل بها، وعندما علم بأن الوثيقة صدرت وبإمكانه أن يأخذها من مجمع التحرير بالقاهرة، حاول السفر عبر معبر رفح، وهناك في الصالة المصرية أبلغه الضباط بعد انتظار 15 ساعة أنه غير مسموح له بالسفر عبر جواز السفر المصفر، بقرار من السلطة الفلسطينية.
وقال جمال لصحيفة “فلسطين”: “السلطة منحتني جواز السفر المصفر ليكون منفسا ومخرجا لمشكلتي، وهي اليوم التي تصدر قرارا بعدم التعامل معه، إنه أمر متناقض، تضعنا السلطة من خلاله في معاناة كبيرة”.
وطالبت السلطات المصرية بضرورة تسهيل إجراءات سفر حاملي الجوازات المصفرة، ممن هم بحاجة ماسة للسفر سواء بغرض العلاج أو التعليم أو لم الشمل أو أغراض إنسانية أخرى.
وأضاف جمال: “نحمل في قلوبنا حبا كبيرا للشقيقة مصر ونعتبرها قلب الأمة العربية وندعوها لتوسيع صدرها لمعاناتنا”، مناشدا وزارة الخارجية الفلسطينية وسفارة السلطة في القاهرة ضرورة حل مشكلة حملة الجوازات المصفرة.
وحمّل السلطة المسؤولية عن منعهم من السفر عبر معبر رفح البري، داعيا كافة الجهات الرسمية لتحمل مسؤولياتها أمام هذه القضية وتسهيل الإجراءات مع الجانب المصري.
وقال في رسالته للسلطة: “إما أن تفعلوا قضية لم الشمل وتمنحونا هويات وأرقامًا وطنية، وإما أن تأخذوا هذه الجوازات وتبلوها وتشربوا ميتها، لأنها لا تسمن ولا تغني من جوع”، مشددا “من حقنا في أن ننعم بالمواطنة كباقي أفراد الشعب”.
وفي تصريح سابق لصحيفة “فلسطين” أدلى به محمد المقادمة مدير الإعلام في وزارة الشؤون المدنية، أوضح أن من دخلوا إلى قطاع غزة من خلال تصريح زيارة وتخلفوا، وصل عددهم لأكثر من خمسة آلاف شخص جُمِّدت ملفاتهم بفعل جمود الحالة السياسية.