يقال إن عباس يرفض استلام كامل أموال المقاصة من ( إسرائيل ) في حال خصمت (إسرائيل) منها مخصصات الأسرى. موقف عباس هذا غير مفهوم حتى الآن، عباس لا يشرح، وفتح الحاشية لا توضح، ولكن تؤيد القرار. هل قرر عباس وحاشيته مواجهة ( إسرائيل) على قاعدة شمشوم الإسرائيلي (عليّ وعلى أعدائي فهدم المعبد)، أم قرر مواجهة نتنياهو شخصيا، أي اللعب بالانتخابات الإسرائيلية، وخلق أزمة لنتنياهو تعيده وحزبه إلى الوراء؟!.
من المعلوم أن عباس فقد القدرة على التعامل مع نتنياهو، ومن المعلوم أنه يفضل غانتس ويسار الوسط الإسرائيلي على عودة اليمين بقيادة نتنياهو الذي أقصاه من الحلبة السياسية. عباس يرى فرصة ما أمامه للعودة إذا ما فاز يسار الوسط الإسرائيلي، ومن ثمة قرر تأجيج أزمته مع نتنياهو من خلال أموال المقاصة، وتدويلها ، وخلق ارتدادات داخلية لها، عند حماس وسكان الضفة، حيث تشير الأخبار القادمة من المقاطعة إلى أن عباس سيوقف جميع الرواتب في غزة لهذا الشهر، ويؤجل دفعها في الضفة تحت مسمى وطني هو : حماية حقوق الأسرى، وحماية أموال الشعب الفلسطيني. وفي إطار مستلزمات المعركة المناورة يتجه عباس إلى فرنسا لحماية اتفاق باريس، وإلى جامعة الدول العربية لتفعيل شبكة الأمان؟!
عباس يعلم أن خطوة باريس، وخطوة الجامعة العربية هي خطوات إعلامية ليس إلا، ولكنه يأمل أن يبعث حماس إلى المواجهة مع حكومة نتنياهو، لخلق معركة تؤثر على حظوظ نتنياهو بين الناخبين. وهذا يعني أن عباس يوظف ورقة الأسرى سياسيا، وإن قلبه ليس على حقوق الأسرى، ولكن على مخرجات هذه الورقة سياسيا.
الذين يؤمنون بهذا التفسير يقولون : إن عباس قطع رواتب الأسرى والشهداء في غزة، قبل أن ينضج قرار الكنيست، وقرار نتنياهو، وألقى عبء هذه الأسر على غزة، فكيف نصدق أنه سيخوض معركة حقيقية مع نتنياهو من أجل الأسرى، وهو الذي أصرّ بناء على طلب نتنياهو عل إلغاء وزارة الأسرى من حكومة الحمد الله، خلافا لموقف حماس الرافض لهذا الإلغاء.
وهنا نسأل ماذا يضير (إسرائيل)موقف عباس إذا توقف مؤقتا عن استلام أموال المقاصة؟!. ما يضير إسرائيل ويقلقها هو وقف التنسيق الأمني معها ؟! (إسرائيل ) ستحتفظ بالمال بعد الخصم في صندوق خاص إلى أن يطلبه عباس صاغرا، ومن ثمة يكون قد برر عباس لشعبه وقف مخصصات الأسرى والشهداء؟! الرجل مضطر لوقفها، والناس كلهم الآن لا يتلقون الرواتب؟!. كان الله في عون الرجل؟! .
ويجدر بنا هنا أن نسأل فتح هل يخوض عباس معركة استراتيجية للتخلص من اتفاق باريس الاقتصادي ،الذي أذل السلطة وحاصر الشعب؟! أم أن القرار تكتيك مؤقت لحين انتهاء الانتخابات الإسرائيلية؟! القرار يحتاج لتفسير مقنع. والقرار الأفضل والمؤلم (لإسرائيل) هو وقف التنسيق الأمني، وإقامة شراكة وطنية في إدارة السلطة. فهل فتح جاهزة، أم ستعيش المناورة لآخر فصولها ؟! هل قال الرجل ( باي) للأسرى، أم ما زال في القوس منزع؟!