أوصى مختصون وباحثون بضرورة الإسراع في إنقاذ الأرشيف الوطني الفلسطيني المرئي والمسموع وتحويله لمواد رقمية متاحة للتداول قبل تعرض المزيد منه للتلف، داعيْن إلى تشكيل لجنة وطنية جامعة للإشراف على هذا الأمر.
ودعوا خلال ورشة حوارية نظمتها وزارة الثقافة بمدينة غزة، أمس، حول "الأرشيف الوطني المرئي والمسموع" إلى فتح المجال أمام القطاع الخاص للمشاركة في الحفاظ على الأرشيف الوطني مع جمع ما يتوفر منه مع المواطنين وما هو موجود في الشتات الفلسطيني.
وعدّ وكيل وزارة الثقافة د.أنور البرعاوي أن أهم دلالات وجود أرشيف فلسطيني هو أن الثقافة السائدة تجمع الكل الفلسطيني في بوتقة واحدة، قائلاً:" نحن جميعاً ثقافتنا واحدة وإنْ اختلفت آراؤنا السياسية فمن مشكاة واحدة تنبع ثقافتنا وهويتنا".
وأضاف: "جميعنا مهتمون بالأرشيف الوطني الذي يعبر عن حقبة تاريخية للشعب الفلسطيني كله، وهذه المادة للأسف كانت معرضة للإتلاف، حيث يحاول العاملون في الإدارة العامة للفنون البحث عن جهة تساعدهم في إنقاذه".
وقال: "الأرشيف مهم لكونه توثيقاً وتسجيلاً لأحداث القضية الفلسطينية والتضحيات التي تجشمها الفلسطيني، ودلالة على أن شعبنا مطرود من أرضه وأن له تاريخاً فيها لا يمكن أن يُمحى أو يُزال، كما أنه يحوي تاريخ هذا الشعب في البلاد العربية التي هُجر إليها".
وأكد اهتمام وزارة الثقافة بإنقاذ الأرشيف بعيداً عن كل الاعتبارات السياسية وغيرها، وعملها على إيجاد حل لإنقاذ هذا الكنز الوطني، مقدماً شكره في هذا السياق لشركة "سكرين" التي نقلت أشرطة أرشيفية كانت محفوظة في ظروف غير مناسبة للتخزين، إلى مكان مناسب لحفظها لتصبح صالحة للعمل الفني والبحثي والأدبي والثقافي.
بدوره، أوضح مدير تحرير صحيفة فلسطين مفيد أبو شمالة –عقب عرض روبورتاج مصور لشركة "سكرين" يوضح احتفاظها بأشرطة أرشيف مرئي ومسموع حصلت عليها من وزارة الثقافة وخزنتها بالشكل العلمي المطلوب- أنه قبل سنين من الآن كان هناك إمكانية للحصول على نسبة أقل من الأرشفة التالفة وإنقاذ عدد أكبر من أشرطة الأرشيف السينمائي، لكن مع مرور الأيام تتضاءل فرص إنقاذ هذا الأرشيف.
وأوضح أبو شمالة أن شركة "سكرين" وللحفاظ على الإرث الوطني نقلت عددًا كبيرًا من الأشرطة كانت ملقاة في أكياس وبطريقة غير منظمة تسبب تلفها حتماً، ووضعتها على أرفف في مكان بارد ومعتم لحمايتها من الشمس والضوء وأي ثر سلبي يحاول التسلل لها.
وقال: "إن ذلك حفظ مؤقت للأشرطة، لكن المطلوب هو الحماية الكاملة لها وقراءة محتواها الذي يوثق أحداثا كثيرة وحياة رموز العمل الوطني الفلسطيني عبر الحصول على الحاويات والمشغلات القديمة التي تمكننا من القيام بذلك".
وأضاف: "ينبغي تحويل تلك المواد إلى رقمية ورفعها على موقع الكتروني لتكون متاحة للجميع للاستخدام العلمي، الأمر الذي يحتاج لعمل متواصل لمدة عامين متكاملين".
بينما أوضح عضو اتحاد الفنانين التعبيريين محمود روقة، أن الأرشيف المرئي والمسموع هو ذاكرة وطن وشعب قدم وضحى ودفع الكثير دماً وجهداً وعذابات، مما يوجب علينا جمعه وتوثيقه ليكون في متناول الكل الفلسطيني ولتتوارثه الأجيال جيلاً بعد جيل.
ورأى روقة أن المهمة شاقة وكلما مر الزمن ازدادت صعوبة وقل ما يمكن إنقاذه، مشيراً إلى أنه كان هناك جهد سابق لوزارة الثقافة في هذا الإطار حينما أوكلت للمخرج العراقي الفلسطيني قيس زبيدة جمع الأرشيف من العواصم العربية والأجنبية وحفظه بالطرق السليمة لكن هذا المشروع لم يُستكمل.
أما المختص والباحث في الأغنية الوطنية فادي عبد الهادي، فقد أقر بوجود تأخير في تحويل الأرشيف لمواد رقمية، مشيراً إلى أن الأرشيف يحتوي على الأغاني القديمة للفرق الوطنية منذ الـ68–90م ، والأفلام السينمائية والمسرحيات الاستعراضية ومسرحيات الأطفال التابعة لمنظمة التحرير.
ورأى أن التكلفة المادية هي التي تقف عائقاً أمام تحويل الأرشيف، مقترحاً على وزارة الثقافة أنْ تتيح للباحثين من كل الاختصاصات تحويل أشرطة الأرشيف في مجال تخصصهم على حسابهم، وإرجاع نسخة محولة منه للوزارة.
وأشار إلى وجود عشرة آلاف شريط بغزة بينما يوجد في دمشق 50 ألف شريط تحوي أغلب أفلام مؤسسة السينما والمسرح الفلسطيني والفرق الفلسطينية وينبغي العمل على إنقاذها.