فلسطين أون لاين

الشيكات المرتجعة عثرة أمام نمو الاقتصاد الفلسطيني

...
د. ماهر الطباع

تعاني فلسطين من أزمة اقتصادية خانقة ساهمت في ارتفاع حاد في حجم الشيكات المرتجعة لتتجاوز مليار دولار خلال السنوات الأخيرة.

وبحسب البيانات الصادرة من سلطة النقد الفلسطينية فإن حجم الشيكات المرتجعة خلال عام 2018 بلغ 1.125 مليار دولار, وبالمقارنة مع حجم الشيكات المرتجعة خلال عام 2017 نلاحظ تراجعا طفيفا طرأ على الشيكات المرتجعة, حيث شهد العام 2017 بلوغ قيمة الشيكات المرتجعة 1.154 مليار دولار، وهو أعلى مستوى في تاريخ القطاع المصرفي الفلسطيني, مقابل 775 مليون دولار خلال عام 2016, و670 مليون دولار خلال عام 2015.

وبلغت نسبة الشيكات المعادة لعدم كفاية الرصيد 85%, فيما تعاد النسبة الباقية (15%) لأسباب أخرى، كعدم مطابقة التوقيع، أو الخطأ والشطب في تعبئة ورقة الشيك، وغيرها من الأسباب الفنية.

وشكلت نسبة الشيكات المرتجعة، من إجمالي الشيكات المقدمة للتقاص خلال العام الماضي 2018، نحو 8.75% مقارنة مع 7.5% في 2017.

وبلغ إجمالي قيمة الشيكات المقدمة للتقاص (الصرف)، نحو 12 مليار دولار أمريكي، مقارنة مع 15.1 مليار دولار أمريكي في 2017 بنسبة انخفاض بلغت حوالي 21%.

وساهمت الأوضاع الاقتصادية الكارثية في قطاع غزة، والمتمثلة في انعدام توفّر السيولة النقدية بين المواطنين، إلى جانب انعدام القدرة الشرائية للمواطنين, في ارتفاع حاد في حجم الشيكات المرتجعة, وانتشرت ظاهرة الشيكات المرتجعة في قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة، وألقت بآثارها السلبية على حركة دوران رأس المال، وأحدثت ارباكاً كبيرا في كل الأنشطة الاقتصادية.

وتعد ظاهرة الشيكات المرتجعة خطيرة جدا حيث تؤدي إلى تباطؤ في النمو الاقتصادي وتعميق في الأزمة الاقتصادية بسبب عدم تسديدها في مواعيدها، وبالتالي فإن عدم تحصيل قيمتها في تواريخ استحقاقها يسبب إرباكا في التدفقات النقدية وعدم تمكن أصحاب الشيكات من الإيفاء بالتزاماتها في مواعيدها.

ويأتي هذا الانخفاض الطفيف في حجم الشيكات المرتجعة نتيجة للإجراءات الصارمة التي اتبعتها سلطة النقد خلال السنوات الأخيرة للحد من هذه الظاهرة, و منها وضع عمولة كبيرة على الشيكات المرتجعة، وتصنيف صاحب الحساب الذي يرجع له أكثر من شيك في القائمة السوداء بحيث لا يصدر له أي دفاتر شيكات.

وبحسب البيانات الصادرة من سلطة النقد, بلغ إجمالي الشيكات المرتجعة في قطاع غزة خلال عام 2018 حوالي 86 مليون دولار وهي تمثل ما نسبته 7.6% من إجمالي الشيكات المرتجعة في فلسطين خلال العام نفسه, مقابل 112 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة خلال عام 2017, مقابل 62 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة خلال عام 2016, 37 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة في عام 2015.

إزاء هذه الأرقام الصادمة أدق ناقوس الخطر، لأن حجم الشيكات المرتجعة غير طبيعي بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني, وهو دليل واضح وقاطع على حالة الانهيار الاقتصادي الذي وصل له الاقتصاد الفلسطيني وخصوصا في قطاع غزة.

لذا نأمل بتدخل عاجل وسريع من سلطة النقد لبحث إمكانية تأجيل كل مستحقات القروض ولجميع الفئات لمده ستة أشهر على الأقل, بهدف توفير السيولة النقدية المعدومة في أسواق غزة حتى لا تتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، بعدما دخل قطاع غزة منحى خطيرا جدا ووصل إلى الرمق الأخير من حالة الموت السريري.