في ختام مقالات الصورة المتخيلة نقول: ربما لن تبكي الساحة الفلسطينية غياب عباس، وغالبا ما ستتجه حركة فتح وغيرها نحو كشف مواطن الفشل في إدارته لملف القضية الفلسطينية.
نعم، يمكن القول بأنه ثمة إجماع فلسطيني، (باستثناء الحاشية، التي سرقت مال الشعب)، على أن القضية الفلسطينية تراجعت في عهد عباس تراجعا كبيرا، وأن مظاهر الفشل في المعالجة متعددة، على المستوى السياسي، والاقتصادي، والاجتماعي، والعلاقات الدولية، والحفاظ على القدس، وعلى الأرض، وعلى حياة كريمة للمواطنين في غزة والضفة، والمحافظة رعاية مقبولة لأسر الشهداء والأسرى، والجرحى. مع فشل عميق في مواجهة الاستيطان، والتطبيع، وفي تحقيق العدالة للسكان، وفشل أكبر في تحقيق النزاهة المالية والإدارية، بعد أن تسلطت على المال العام حفنة من القطط السمان، واشترت أراض وعقارات في الأردن وغيرها بمال الشعب، ومال الدول المانحة، الذي انحرف عن غياته التي من أجلها تبرعت الدول المانح به، وخلاف ذلك من المفاسد، والإخفاقات، مما لا يتسع مقال صغير لسردها الآن.
ربما تقوم قيادات وطنية من فتح بسرد مواطن الفشل وتعريتها، قبل أن تتطلع بسردها فصائل المعارضة. لذا أقول ربما تشهد القضية الفلسطينية معالجة أفضل في ملفات متعددة بعد غياب عباس، لا سيما إذا استطاع خليفته من أخذ العبرة، واتجه نحو ديمقراطية فلسطينية حقيقية، وتمكن من محاربة الفساد المالي والإداري، وأعطى الموظفين العموميين حقوقهم في غزة والضفة بدرن تمييز، وتخلص من حفنة السارقين والطفيليين، الذين استهبلوا الشعب وضللوه.
المرجح عندي أن يقوم خليفة عباس بخطوات جيدة لخدمة القضية الفلسطينية إذا تمكن من الإفلات من القبضة الإسرائيلية، وتجاوز التنسيق الأمني، وجمع حوله حاشية تنصحه، وتذكرة بالوطن والمواطن، وتجعل ظهره مستند إلى شعبه، لا إلى غيره، وإذا ما اتجه نحو شراكة حقيقية مع الآخرين، وجمع الكل الوطني حوله.
القضية الفلسطينية تنتظر التغيير القادم، والزعيم القادم، على أمل أن يشق القادم طريقا يبسا بالتعاون مع الكل الوطني، لانعاش القضية الفلسطينية، وحمايتها من التآكل التدريجي المعلن وغير المعلن، بعد أن يأس الجميع من إصلاح الوضع القائم الآن.
إن طريقا جديدا، يتجاوز الطريق المعطوب والمنحرف، الذي سلكه عباس وجماعة الحرامية، يمكن أن يسهم بشكل جيد في خدمة القضية الفلسطينية، ووقف تراجعها، وإعادة الروح إلى خلاياها التي توشك على الموت. أنا أرجح أن ما بعد عباس سيكون أفضل للقضية، رغم أن العالم العربي يسير في هذه المرحلة من السيء إلى الأسوأ. فلسطين بعد عباس ستكون استثناء بإذن الله. وإن غدا لناظره قريب.