ثلاثمائة موظف يوقعون عريضة ترفض إجراءات عباس القمعية التي قطع بها رواتب الموظفين في أكبر عملية انتقائية تقوم على أسس سياسية وحزبية متجاهلة القانون الفلسطيني، وحق الموظف في راتبه الشهري بلا انتقاص، أو منَّة، أو توظيف سياسي.
العريضة لم تشمل كل الراغبين في التوقيع، سواء من المتضررين، أو من غير المتضررين، أي المتعاطفين مع إخوانهم، والمتمسكين بحكم القانون الفلسطيني. والعريضة لم تشمل توقيع أفراد الشعب الذين عبروا في استطلاعات الرأي بشكل متكرر عن رفضهم قطع رواتب الموظفين، وعن رفضهم عقوبات عباس على غزة. لو تمكن الشعب من التوقيع لكنا أمام عريضة مليونية، ولكن العريضة المذكورة توقفت عند إجراء رمزي من ثلاثمائة توقيع.
اعتقد أنه يجدر بأصحاب الفكرة أن يفتحوا عريضة أكبر وأوسع على مواقع التواصل الاجتماعي، لكي يتمكنوا من محاصرة عباس، الذي يعطيهم (أذن من طين وأذن من عجين)، ولا يسمع إلا للغة (إسرائيل) فحسب. إن ما قام به هؤلاء النفر جيد، ولكن يحتاج إلى اتمام وإكمال، ومن خطوات الإكمال هذه فتح عريضة مليونية للتوقيع، ثم تكليف محامين داخل البلاد وخارجها لمقاضاة عباس والسلطة التنفيذية، لا سيما وزير المالية بشارة الذي لا يعمل بموجب القانون الفلسطيني، ويختبئ خلف أوامر عباس؟! ونحن نعلم أن أوامر عباس كرئيس لا يجب أن تنفذ إذا خالفت القانون الفلسطيني.
لقد خاطبت الوثيقة المؤسسات الدولية وطالبتها بالتدخل لحل المشكلة، وهذا جيد، ولكن من حق المتضررين تدويل المشكلة لأن القضاء الفلسطيني فشل في مهامه في حماية القانون، ومن ثم يجدر رفع قضية قضائية أمام المحاكم الدولية وفي البلاد التي تقبل الدعوى، ويجدر ألّا يقف المتضررون عن حد مخاطبة الأمين العام للأمم المتحدة.
كل الشعب الفلسطيني يستنكر إجراءات عباس ضد الموظفين وضد غزة، وسيكون الشعب سعيدا إذا ما أوقف القضاء الفلسطيني، أو الدولي محمود عباس، وشكري بشارة، وطالبوهما بتقديم مبررات كافية لقطع رواتب الموظفين، ورواتب أسر الشهداء والأسرى. إن ترك مجال القانون والقضاء بحجة أنه لا قضاء مستقل في فلسطين، هو نوع من الهزيمة الذاتية، التي تحبط العمل، وتجعل الصراخ والألم سيدا، ونهاية المطاف. إن ممارسة الحق في القضاء وإنفاذ القانون هو حق فردي للمتضرر، وحق جماعي للمتضررين، وحق أصيل لمؤسسات حقوق الإنسان المدنية. وحسبنا أننا لم نجد زعيما في العالم الحديث عاقب شعبه بحرمان الموظفين من رواتبهم.