قائمة الموقع

​كانت شريان فلسطين النابض.. فكيف أصبحت رفح؟

2019-02-16T10:35:12+02:00
صورة جوية لميدان الشهداء بمدينة رفح (صورة أرشيفية)

ظلت مدينة رفح جنوب قطاع غزة على مدار عقود من الزمن مركزًا مهمًا للتجارة، نظرًا لمركزها الحدودي، إلى أن أطبق الحصار الإسرائيلي فكيه عليها عام 2007م كبقية مدن القطاع.

تراجعت الحركة التجارية رويدًا رويدًا بسبب إغلاق معبر رفح، الذي يعد منفذ سكان قطاع غزة إلى العالم، وتدمير الأنفاق التجارية التي لجأ إليها المواطنون في غمرة الحصار.

المدينة التي يزيد عمرها على 5000 سنة، وحملت الكثير من الأسماء على مر العصور، وشهدت مواقع حربية شهيرة، كانت تربط مصر ببلاد الشام لكنها اليوم لم تعد كذلك، بل انفصلت رفح سيناء عن رفح الأم بعد اتفاقية كامب ديفيد، ووضعت الأسلاك الشائكة لتفتت الوحدة الاقتصادية والاجتماعية للمدينة.

تبلغ مساحة رفح 64 كيلومترا مربعا، ويقُدّر عدد سكانها عام 1966 نحو 5.000 نسمة، بينما اليوم يقطنها نحو 264.000 نسمة.

مع هذا النمو السكاني الكبير تزداد احتياجات السكان في جميع مناحي الحياة، سواء على صعيد العمران أو الزراعة أو الصناعة أو الخدمات الطبية؛ لكن المدينة حتى يومنا هذا تعاني تهميشا متعاقبا.

تجارة ميتة

يعاني سكان رفح من ظروف اقتصادية صعبة، في ظل الحصار الإسرائيلي المستمر منذ 13 عاما، والعقوبات التي تفرضها السلطة على قطاع غزة، والحديث هنا لرئيس بلدية رفح صبحي أبو رضوان.

ويصف أبو رضوان في حديثه لصحيفة "فلسطين" الحركة التجارية في المدينة بأنها ضعيفة "يواجه المواطن ظروفا صعبة، فبات لا يستطيع دفع قيمة فاتورة الخدمات الشهرية".

وقال: "رغم الظروف السيئة، نفذنا مشاريع عديدة، منها ما يتعلق بتحسين خدمات المياه والبنى التحتية، ومنها مشاريع تتعلق بتعبيد الطرق والشوارع؛ لكن ما نسبته 50% من شوارع رفح ما زالت بحاجة لرصف وتعبيد".

وذكر أن رفح مقبلة على مشروع استراتيجي وهو مشروع المنطقة الصناعية الحرفية بمنطقة المحررات شمالي غرب المدينة بقيمة نحو مليوني دولار، لتشجيع الاستثمار، مشيرًا إلى أن كثيرًا من المستثمرين ينتظرون الإعلان عن بدء تسليم الأماكن المناسبة لهم.

وأشار أبو رضوان إلى أن أبرز التهديدات التي تواجه رفح، هي انجراف شاطئ البحر غربا، ونحره إلى درجة الصفر نتيجة إنشاء لسان بحري في رفح المصرية، بعد أن كان عرضه قرابة 64 مترا عام 2012.

وتابع: "واجهنا المشكلة بالإمكانات المحدودة المتاحة، وصنعنا كاسرًا للموج بكتل خرسانية جمعناها، لحماية بيوت المواطنين في القرية السويدية، بالتعاون مع الوزارات المعنية".

ونبه أبو رضوان إلى أن المشكلة ما زالت قائمة، وهي بحاجة لتدخل وزارة الأشغال والمؤسسات الدولية، خاصة أن 20 صيادا جرف البحر أكشاكهم بحاجة إلى مكان لهم على الشاطئ.

وأضاف: "نحن بحاجة إلى المزيد من المشاريع الاستثمارية للتخفيف من حدة البطالة، كما أن قطاع غزة اليوم بحاجة ماسة لمنطقة تجارية حرة على الحدود الفلسطينية المصرية".

وأكمل رئيس بلدية رفح: "انضم آلاف الموظفين إلى فئة الأسر الفقيرة بسبب عقوبات السلطة على غزة، الأمر الذي زاد الطين بلة وأوجد حالة فقر شديدة في البلد، وهذا كله انعكس على الحركة التجارية التي أصبحت ميتة وتنذر بعواقب وخيمة"، مطالبا بمعالجة الوضع المأساوي برفع السلطة عقوباتها عن غزة وفك الحصار.

واقع طبي سيئ

أما على صعيد الاحتياج الطبي فإن سكان رفح يعانون أشد المعاناة، لأن كثيرًا من التخصصات الطبية غائبة عن مشفاها الوحيد (أبو يوسف النجار)، والحديث هنا للمدير الطبي للمستشفى، الدكتور محمد الهمص.

وذكر الهمص في حديثه لصحيفة "فلسطين" أن رفح بها التخصصات الطبية الرئيسة الخمسة فقط: (الجراحة العامة، وجراحة العظام، والأطفال، والباطنة، والنساء والتوليد)، مشيرًا إلى أن التخصصات المفقودة كثيرة أبرزها: أمراض القلب والباطنة، والعناية المكثفة والعيون والمسالك البولية والحروق، وغيرها من التخصصات.

وقال: "يضطر المواطن في معظم الأحيان للجوء إلى مستشفيات المحافظات الأخرى، لذلك يضطر كثير من المرضى للرضوخ والرضى بأقل القليل من حقوقهم العلاجية".

وأوضح الهمص أن المستشفى، يضم 65 سريرا، ويضم أربعة أقسام رئيسة (الأطفال، والباطنة، والعظام، والجراحة)، مشيرًا إلى أن المشفى يغطي احتياج 50.000 نسمة فقط، بينما لا تلبي الأسرَّة الحد الأدنى من احتياجات السكان الطبية في الظروف العامة والطارئة كالحروب والاجتياحات.

وقال: "لو بحثنا في موضوع الكفاءات الطبية، نجد غيابًا لعملية تجديدها داخل جميع أقسام المستشفى، وما تمد به الوزارة من كوادر طبية هم أطباء جدد أو متطوعون، وهم بحاجة لبرنامج تدريبي".

وأضاف الهمص: "المطلوب مد المستشفى بأطباء أكفاء مهرة، لأنهم يتلقون الصدمة الأولى في قسم الاستقبال والطوارئ، وتتوقف حياة المريض عند خبراتهم ومهاراتهم".

ولبناء مستشفى متكامل في رفح يحتاج الأمر إلى سنوات عديدة؛ لذلك رفح بحاجة إلى تطوير مستشفاها ببناء طابقين وزيادة عدد الأسرّة والتخصصات والكادر الطبي المتخصص كمرحلة عاجلة خلال أشهر، وفقا للهمص، مشيرًا إلى سوأة الواقع الطبي في رفح ظهرت خلال عدوان الاحتلال على القطاع عام 2014.

المعبر المعضلة

وعدّ عضو لجنة القوى الوطنية والإسلامية في رفح القذافي القططي، المدينة "مهمشة اقتصاديًّا"؛ رغم تمثيلها رئة قطاع غزة الاقتصادية في وقت ما، منبهًا إلى أن 82% من سكان رفح لاجئون ومعظمهم فقراء يعتمدون على المساعدات.

وذكر أن رفح دفعت ثمنا كبيرًا من الشهداء والجرحى والأسرى كونها مدينة حدودية، وكان الاحتلال يهاجمها من البحر، والحدود المصرية عندما كان يحتل قطاع غزة قبل عام 2005، ومن الحدود الشرقية.

وقال القططي: "تحكم الاحتلال والجارة مصر بمعابرها، وتدمير مطارها كان له تأثير مباشر على حياة السكان".

ولفت أن حركة السفر عبر معبر رفح العام الماضي كانت الأفضل من الأعوام السابقة التي شهدت إغلاقا شبه كامل للمعبر، ولم يتجاوز عدد أيام عمله ثلاثين يوما، ما أثر سلبًا على سكان القطاع، فمنهم من فقد عمله، ومنهم من فقد حياته وآخرون لم يستطيعوا إكمال تعليمهم، كما أنه قطع أوصال أسر كثيرة.

وأعرب عن أمله بأن يبقى معبر رفح مفتوحا، وأن تحل كل الإشكالات المتعلقة بالمعبر.

اخبار ذات صلة