فلسطين أون لاين

​علي طفلٌ خرج عن صمته وأتقن اللعب

...
من يرى علي الآن لن يصدق أنه هو الطفل نفسه الذي بقي قعيدًا سنوات
غزة - صفاء عاشور

لا يتجاوز من عمره ثمانية أعوام، طفل جميل تنظر إليه يبتسم إليك، يحاول قدر المستطاع تعلم مسك القلم وكتابة الأرقام والحروف، يلعب ويجري هو وإخوته في المنزل؛ فهو لم يعد مختلفًا كما كان يعتقد الجميع أنه سيكون.

علي هشام علي الأقرع من مواليد صيف 2010م، ولد كغيره من الأطفال دون أي مشاكل حتى بلغ سنة ونصف سنة إذ أصبح غير قادر على المشي والنطق فجأة، لتشخص حالته بأنه يعاني اضطرابات في الحركة.

إصابة علي جعلته يصبح مختلفًا عن باقي إخوته؛ فقد كان يعاني صعوبة في التحرك (شللًا نصفيًّا سفليًّا)، وصعوبة في الإبصار، وصعوبة بالنطق، ما أدى إلى تأخر في الكلام والنطق وتعلم اللغة، وصعوبة في التعلم.

والد علي هشام الأقرع قال: "حالة علي أوقعتنا في حيرة ظننا أنها لن تنتهي، وأصبحنا لا نعرف كيف سنتعامل مع طفل لا يتحرك ولا يرى ولا يتكلم، فعلي لا يشبه أخواته الأربعة أو أخيه الكبير الذين ولدوا جميعًا دون أن يعانوا أي شيء مما سبق".

وأضاف في حديث لـ"فلسطين": "بدأنا نعرض علي على الأطباء في غزة وذهبنا به إلى مستشفيات الضفة الغربية والداخل المحتل، وتوجهنا إلى مصر أيضًا، وأجمعت التشخيصات كافة على أن علي لا علاج له، وسيبقى على حاله".

واستمر علي على حالته حتى بداية عام 2017م عندما ذهب أبواه إلى مركز "نعم نستطيع"، الذي شخص حالته بأنه يعاني مشاكل في النطق وصعوبة في التعلم، ومعدل ذكاء لم يتجاوز 45%.

وفي مركز "نعم نستطيع" ذهب علي إليهم وهو لا يستطيع الحركة بسبب إصابته بشلل نصفي سفلي وصعوبة بالنطق، وهو ما أدى إلى تأخر الكلام والتعلم.

وأكد الأقرع أن أقصى ما كان يحلم به لابنه أن يتمكن من الاستماع له والإحساس به نظرًا لوضعه الميؤوس منه، إلا أن من يرى علي الآن لن يصدق أنه هو الطفل نفسه الذي بقي قعيدًا سنوات عدة.

وقال: "إن مركز "نعم نستطيع" تمكن من تحقيق المستحيل، وقدم العديد من الخدمات لعلي، ومنها: التربية الخاصة، والعلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي".

وأضاف: "خدمة التربية الخاصة جعلته قادرًا بعد التدريب على الاعتناء بنفسه وبنظافته الشخصية، فأصبح يحافظ على نظافة ملابسه عند تناول الطعام والشراب، وغسل يديه ووجهه، ورمي كأس الماء في سلة المهملات بعد الانتهاء منها".

وتابع الأقرع: "كما أصبح علي قادرًا على معرفة أعضاء جسمه ووظيفة كل عضو منها، إضافة إلى قدرته على استعمال الأشياء ومعرفة استخداماتها"، لافتًا إلى أن أفضل ما تعلمه علي هو اللعب ضمن مجموعة من الأطفال.

وأوضح أن تعلم "علي" اللعب مع أقرانه جعله يشعر أنه لا يختلف عنهم في شيء، خاصة أنه أصبح يشارك الآخرين في الألعاب، وتعلم انتظار وقته والتصفيق مع الجميع، وهو ما خفف من عصبيته وضربه أقرانه وصراخه وبكائه الدائم.

ولفت الأقرع إلى أن المركز تمكن من جعل "علي" يستطيع المشي عشر خطوات على الأقل بتوازن، بالعلاج الطبيعي الذي قدمه له وحسن القدرة الحركية والوظيفية له قدر المستطاع.

ولا يزال علي يتلقى الخدمات المتوافرة في المركز على أمل أن يأتي اليوم الذي يُسمح له بالالتحاق بإحدى رياض الأطفال، ومن بعدها المدرسة، وألا يحرم أي حق من حقوقه التي يستحق أي طفل نيلها والحصول عليها.


واقع سكن الأشخاص ذوي الإعاقة في قطاع غزة