فلسطين أون لاين

​"معبر بيت لحم".. مقصلة يومية للعمال الفلسطينيين!

...
رام الله/ محمد القيق:

قبيل طلوع فجر كل يوم، يتحضر المواطن أسعد صلاح من مدينة بيت لحم للخروج من منزله في أجواء شديدة البرودة من أجل توفير لقمة العيش لأطفاله الأربعة ويشعرهم بحياة حقيقية ولكنها في الواقع منقوصة الصورة والمحتويات.

يصل صلاح المعبر الشمالي لمدينة بيت لحم، وهو عبارة عن ممرات صغيرة مسقوفة بالصفيح وبوابات حديدية دوارة تنتهي بغرف صغيرة لجنود الاحتلال يتحكمون فيها بحياة آلاف العمال، يقف مع زملائه الكثر هناك منتظرا دوره حتى تختنق الأنفاس بسبب الازدحام الشديد.

وقال صلاح لصحيفة "فلسطين": إنه اضطر للجوء للعمل داخل الأراضي المحتلة عام ١٩٤٨ بسبب انعدام أي فرص عمل في الضفة الغربية، وحتى إذا توفرت فرصة شاقة فإذا بها قليلة الأجر لا تكاد تكفي قوتا لبضعة أيام.

وأضاف: "نتكدس على المعبر لعدة ساعات ويقوم الجنود بإذلالنا بشكل متعمد؛ فيبطئون إجراءات التسجيل والسماح بالعبور، ويوقفون النظام لبعض الوقت كي يحتسوا القهوة مثلا أو يتبادلوا أطراف الحديث، بينما نحن نتسلق جدران المعبر كي نصل إلى تلك الغرف ونكاد نختنق جراء التدافع وتتمزق أجسادنا ونحن على الوقفة ذاتها دون أي شعور بالرحمة من طرفهم".

ويسجل صلاح مرات عديدة أغلق فيها الاحتلال المعبر بشكل متعمد دون مبرر وبعد ساعات من انتظار العمال عليه في برد الشتاء، كما ينتظر الكثير منهم دورهم بشق الأنفس حتى تعاد إليهم بطاقاتهم تحت حجج مختلفة ويمنعون من الدخول.

لا رادع

وخلال الأسبوع الماضي سجلت العديد من حالات الاختناق على المعبر بسبب سياسة الاحتلال تلك، حيث استُدعيت مركبات الإسعاف من أجل معالجة العمال من الاختناق.

بدوره، عبر العامل يوسف الطيطي عن غضبه الشديد من هذا الحال الذي لا يظهر له أي أفق للحل، حيث إن الاحتلال يستغل حاجة العمال الفلسطينيين للقوت فيذلهم في عملهم بينما لا يجدون بديلا في مدنهم.

وقال لـ"فلسطين": "الله وحده أعلم بمعاناتنا، فإذا نجونا من حوادث السير في ساعات الفجر انتظرنا على المعبر لساعات ونحن نرتجف برداً وأعيننا مثقلة بالنعاس وأجسادنا منهكة، وإذا نجونا من المعبر ومعاملة الجنود السيئة رغم وجود التصاريح اللازمة معنا تعرضنا للإصابات في مكان العمل بسبب انعدام السلامة لأنهم يستهينون بنا، فإلى متى سنبقى في هذه الدوامة ومن هم المسؤولون الذين من المفترض أن يوفروا لنا العيش الكريم".

ورأى الطيطي أن حياة العامل الفلسطيني مرصوفة بالموت بسبب سياسات الاحتلال وتواطؤ موقف السلطة الفلسطينية ، فلا توجد قوانين تحميهم ولا يوجد من يمثلهم بل كل منهم يمثل نفسه لا ظهر ولا سند حقيقي له.

وأقيم معبر مدينة بيت لحم مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام ٢٠٠١؛ حيث بات الوصول إلى أراضي الـ48 أمراً مستحيلاً إلا بوجود تصاريح خاصة لا يصدرها الاحتلال لمن سبق واعتقل في سجونه ولو ليوم واحد أو من هو قريب لأسرى ومقاومين وشهداء، ويتكرر المشهد على جميع معابر الضفة مع الداخل، امتهان للكرامة وانتظار وتعب وإذلال.