"ستتجاوز الرواتب الـ75%، وستجدول المستحقات"، بهذه الجملة هيأت السلطة برام الله الرأي العام قبل أسبوع من قطعها رواتب آلاف الموظفين، والأسرى، والشهداء، والجرحى بقطاع غزة، بتمرير الشائعة للشارع والتقليل من خطوتها الكبرى، وهي قطع الرواتب.
واستخدمت السلطة قيادات حركة فتح، وأبرزهم عضوي اللجنة المركزية للحركة عزام الأحمد وحسين الشيخ، لتسريب شائعات غير دقيقة حول نسب الرواتب، عبر وسائل الإعلام.
ووفق ما رصدت "فلسطين" فإن قيادة السلطة، تعمل على طمأنة الموظفين وعائلات الشهداء والأسرى والجرحى، من خلال تأكيداتها وجود زيادات على الراتب، للتغطية على هدفها غير القانوني، وهو قطع رواتب الآلاف.
ولجأت السلطة إلى توظيف "الذباب الإلكتروني" لبث الشائعات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتهيئة رأي عام بوجود زيادة في الرواتب، وطمس الحقيقة البارزة وهي قطع نسبة كبيرة من رواتب الموظفين.
وتُعد منصة "الفيسبوك" أبرز الوسائل التي تستخدمها السلطة في تمرير شائعاتها، كونها المنصة الأكثر شعبية وتداولاً بين سكان قطاع غزة، إضافة إلى تمويلها لإعلانات لإيصال تسريباتها غير الدقيقة إلى أوسع قدر من الجمهور.
وقطعت السلطة رواتب نحو 5043 من موظفيها من سكان قطاع غزة العاملين في القطاعين المدني والعسكري، في 5 فبراير الحالي، بذريعة انتمائهم أو مناصرتهم لتيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح الذي يترأسه النائب محمد دحلان، ولحركتي حماس والجهاد الإسلامي، وفق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
حرب نفسية
أستاذ الصحافة والإعلام في الجامعة الإسلامية وائل المناعمة يؤكد أن السلطة تمارس دعاية إعلامية بشكل ممنهج ومدروس فيما يخص رواتب موظفيها في غزة، إذ تعمل على تصدير رموز الانقسام السياسي للحديث عن الرواتب، وتمنع الجهات المختصة من التصريحات.
ويقول المناعمة لـ"فلسطين": "يتصدر حسين الشيخ، وعزام الأحمد، ومحمود العالول، التصريحات حول الرواتب، لممارسة حرب نفسية على الموظفين، وإشاعة حالات الإحباط والخوف واليأس، من الشهور القادمة، وتمرير معلومات غير دقيقة".
ويضيف المناعمة: "الهدف من منع السلطة للجهات المختصة وهي الحكومة، ووزارة المالية، للحديث عن الرواتب، هو ترك الموظفين لقمة سائغة للشائعات التي تنال من عزيمتهم".
ويوضح أن قيادة السلطة تهدف من خلال حملات الدعاية، وتصدير قيادات "فتح" للتحدث بهذا الملف، إلى دفع الموظفين للنزول للشارع، وإثارة الفوضى بهدف انعكاسها سلباً على حال قطاع غزة والأمن الذي يشعر به المواطن.
ويشير المناعمة إلى أن الدعاية المستخدمة انعكست على سلوك الموظفين، وصحتهم النفسية، وروحهم المعنوية، حيث أصيب العديد منهم بالأمراض الخطيرة، وتسجيل حالات وفاة.
فرق منظمة
الباحث في مجال الإعلام السياسي والدعاية حيدر المصدر، يؤكد أن السلطة تستخدم منصات التواصل الاجتماعي لأهداف مختلفة، أبرزها تشويه حركة "حماس" في قطاع غزة، وزعزعة الاستقرار المجتمعي، من خلال استهداف موظفيها، والتأثير على المستوى الادراكي لهم.
ويقول المصدر لـ"فلسطين": "توظف السلطة الإعلام الاجتماعي في تمرير دعايتها، من خلال فرق منظمة بإنشاء صفحات مجهولة تعمل على بث الشائعات وتنفيذ الأجندة الدعائية بشكل مدروس، والشق الثاني من خلال المستخدم العادي ليكمل دور هذه الصفحات".
ويوضح أن الفرق المختصة من قبل السلطة تحدد نقاط الضعف في قطاع غزة، ثم تعمل عليها من قبل مستخدميها، ثم يتبعها إجراءات على الأرض، وهو جهد مكمل للجهد الأساسي، والمتمثل بقطع الرواتب، ثم الدعوة للإضرابات في القطاعات الحيوية في غزة.
ويبين أن استخدام مواقع التواصل الاجتماعي لا يكون فعالا دون إجراءات على الأرض، حيث تعمل تلك الأجهزة وصفحات المسؤولين على بث الشائعات، يتبعها خطوات عملية بشكل تدريجي.
في حين يرى المختص في الإعلام الاجتماعي داود أبو ضلفة، أن الفترة الأخيرة شهدت إقبالا غير مسبوق من قيادات السلطة على استخدام منصة "الفيسبوك"، لترويج شائعات عن نسب الرواتب، والتأثير على الموظفين.
ويوضح أبو ضلفة لـ"فلسطين" أن ما ينشر مخطط له في غرف تضم موظفين يديرون حسابات قيادات السلطة من أجل التأثير على الموظفين .