لا بأس في اعتذار عزام الأحمد لموسكو جراء الفشل في تحقيق الوحدة الوطنية، وتعزيز الشراكة السياسية، ولكن الأكثر صدقاً أن يكون الاعتذار للشعب الفلسطيني، الأكثر تضرراً، والأكثر تأثراً من عدم تحقيق الشراكة السياسية، والمصالحة المجتمعية التي سينعكس عدم تحقيقها أمناً وسلاماً على أعداء الشعب الفلسطيني.
إن الشراكة السياسية هي العنوان العريض الذي يفتش عنه الفلسطينيون، ويسعون لتحقيقه. يجب أن نكون شركاء في هذا الوطن، وعلى نفس المستوى من المسؤولية والواجبات، وهذا هو الطريق المختصر لتحقيق المصالحة، ودون ذلك فنحن نرفض أن نكون شعب الأسياد والعبيد، وشعب القادة المنزهين، والقاعدة المنفذين.
إن الشراكة السياسية مصلحة وطنية، وإرادة فلسطينية محضة، ولا يمكن أن تأتي من تدخلات موسكو والقاهرة وغيرهما من العواصم. الشراكة السياسية تقوم على قناعة فلسطينية تامة بأن الوطن للجميع، ولا يحق لأي حزب أو تنظيم أو شخص أن يوظف من نفسه وصياً على مصالح الشعب، فما دامت فلسطين ملكاً لكل الشعب، فإن الحديث عن مستقبل فسطين، ومستقبل القضية الفلسطينية حق من حقوق الشعب الفلسطيني كله، وقد أكدت لقاءات موسكو رفض كل التنظيمات تصفية القضية الفلسطينية، ورفضها مخرجات مؤتمر وارسو، ورفضها صفقة القرن.
إن رفض صفقة القرن ليفرض على الفلسطينيين المصداقية في القول والفعل، فلا رفض لصفقة القرن دون تشكيل حكومة وحدة وطنية، قادرة على المواجهة، ولا رفض لمخرجات مؤتمر وارسو دون التوقف عن فصل الموظفين وخصم رواتبهم، وتعذيب أهل غزة، ولا قيمة لرفض الحصار المالي الأمريكي للسلطة دون التوقف عن قطع رواتب الشهداء والجرحى والأسرى، ولا إيمان بحرية الشعب وحقوقه دون الموافقة على الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني.
لقد بات الشعب الفلسطيني ملماً بمجريات السياسة بشكل يفوق قيادته السياسية، وهو يعرف أن لرفض صفقة القرن دلالات، ولتمرير صفقة القرن قرارات، ويدرك الشعب أن عدم المواءمة بين التصريحات والممارسات أولى الثغرات التي تفتح أبواب فلسطين لبعض الدول العربية كي تطبّع مع الصهاينة، وكي تسهم في البحث عن حلول للقضية الفلسطينية وفق الأطماع الإسرائيلية.
ودون وحدة وطنية على أسس المواجهة للمحتلين، ومقاومة الغاصبين الصهاينة بكل ما أوتى الشعب من قوة وقدرة، فإن كل حديث عن المصالحة وإنهاء الانقسام هو قفز في الفراغ، وأضغاث أحلام، وأوهام لا تطفئ ظمأ العطشى للكرامة، والجوعى للحرية والإرادة الوطنية.