أكد مصدر فلسطيني مطلع، أن المستوى السياسي في السلطة الفلسطينية لم يتخذ قرارا نهائيا حتى الآن بتقديم "إحالة" لمحكمة الجنايات الدولية بشأن الاستيطان الإسرائيلي، موضحا في الوقت نفسه، أن أعضاء اللجنة الوطنية العليا للمتابعة مع المحكمة مجمعون على ضرورة تقديم الإحالة.
وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إن هناك إجماعا في "لجنة المتابعة" على وجوب الذهاب "للجنايات" وتقديم إحالة ضد سلطات الاحتلال الإسرائيلي.
وأضاف في تصريحات لصحيفة "فلسطين"، أمس: "هذا الأمر تم اعتماده من قبل كل أعضاء اللجنة وكان من المفترض أن يصادق عليه المستوى السياسي في السلطة الفلسطينية".
وأوضح أن موقف اللجنة تمثل في ضرورة أن يتم تقديم الإحالة في "وقت قريب جدا لا يتعدى نهاية يناير/ كانون الثاني" الماضي.
وبيَّن أن لجنة المتابعة تنتظر الموقف الرسمي السياسي للسلطة، "بعد ذلك هذا الأمر سيُناقش على مستوى أعضاء اللجنة"، ليحددوا الخطوات المقبلة، مشددا على أنه "لا بد ألا تتأثر السلطة بأي ضغوطات سياسية".
ونبه إلى أن تقديم إحالة بشأن الاستيطان "للجنايات" يمثل "خطوة متقدمة في موضوع التعامل مع محكمة الجنايات الدولية، وأيضًا الوقوف بحزم ضد الإجراءات الإسرائيلية خاصة في موضوع الاستيطان والعدوان على غزة"؛ لكنه تابع: "طبعا هذا الأمر ينتظر أن يكون هناك قرار سياسي".
وعما إذا كانت اللجنة ستواصل اجتماعاتها قبل تقديم إحالة "للجنائية"، قال: "كان رأي البعض أنه إذا لم يتم الذهاب لمحكمة الجنايات الدولية، والتشبث بموضوع الإحالة، فلا داعي للاستمرار بهذه الطريقة (مواصلة الاجتماعات دون تطبيق النتائج)".
وأردف: "إذا كان الموقف السياسي للسلطة حتى الآن موقف متردد في موضوع تقديم الإحالة، هذا سيشكل نوعا من الإحباط لدى أعضاء لجنة المتابعة، خاصة أن هناك إجماعا قويا باتجاه موضوع الإحالة".
وبيَّن أن السلطة الفلسطينية لها حسابات سياسية، وليس فقط حسابات متعلقة بلجنة المتابعة، "لأن هناك أطرافا تحاول أن تضغط بكل قوة على السلطة لأجل ألا تذهب باتجاه الإحالة وخاصة بعد فوز دونالد ترامب (برئاسة الولايات المتحدة)".
ورأى أن التوجهات الموجودة في (إسرائيل) أو في الإدارة الأمريكية، "ربما تسبب لدى السلطة نوعا من التباطؤ والحسابات الكثيرة في موضوع التوجه نحو المحكمة".
ونوه المصدر إلى أنه "بعد القفزة الكبيرة في موضوع الاستيطان والتنكر لكل الاتفاقات السياسية وحل الدولتين، فإن السلطة باتت أمام خيارات ضعيفة جدا تتطلب منها اتخاذ موقف".
ويأتي ذلك في وقت تكثف فيه سلطات الاحتلال الإسرائيلي البناء الاستيطاني، إذ أعلنت الأربعاء الماضي أنها ستبني مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة في قرار هو الأول منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي، كما أعلنت عن خطط لبناء ثلاثة آلاف وحدة استيطانية في الضفة الغربية في ثالث قرار من نوعه خلال أقل من أسبوعين على تولي ترامب الرئاسة.
وكانت السلطة الفلسطينية والاتحاد الأوروبي انتقدا إعلان سلطات الاحتلال قبل نحو أسبوع، عزمها بناء قرابة 2500 وحدة استيطانية للمستوطنين في الضفة الغربية.
وتابع المصدر: "يوجد في لجنة المتابعة موقف قوي وإجماع على ضرورة التوجه نحو المحكمة والإحالة، وكان المطلوب من السلطة أن تأخذ الآن هذا الموضوع بشكل جدي، على أساس أنه يمكن أن تتوافق مع اللجنة في هذا الموقف؛ لكن ربما بعض الأطراف كانت تحاول أن تضغط على السلطة من أجل عدم الإسراع في تنفيذ هذا الموقف الذي اتخذته اللجنة".
وتمم بشأن الضغوط على السلطة: "في أكثر من مرة تدخلت أطراف دولية حاولت أن تعرقل هذا الموضوع (تقديم إحالة)، هذا ليس أمرا جديدا"، مشيرا إلى أنه كان من المتوقع أن يكون هناك ضغط أكبر بهدف وقف التوجه "للجنايات"، بعد فوز ترامب.