قلنا في المقال الأول إن خلافا ما ربما يقع بين حاشية عباس، حول من الخليفة، وحول المناصب الثلاثة، وخلافا آخر ربما يقع مع أطراف أخرى من فتح لا تعد من الحاشية، وقلنا إن (إسرائيل) ستتدخل لحسم الأمر لصالحها بورقة المال وغيرها من الأوراق، وهنا نفترض أن هذ ما سيقع حتما، أو غالبا، أو ربما، فما تأثير ذلك على فتح؟ مع الأخذ بالحسبان أنه لن يكون لحماس والجبهتين تأثير كبير في اختيار خليفة عباس؟!
إذا أسندت المناصب الثلاثة لشخص واحد، أو تم توزيعها على ثلاثة أشخاص، فإن من تداعيات هذا الأمر تنامي حركة مراكز القوة والأطراف داخل فتح، وتنامي حركة القوة في حسم الخلاف مع الآخرين، وسيسهل هذا على (إسرائيل) الإمساك بخيوط اللعبة. ( إسرائيل) ستقف مع خليفة يحقق مصالحها، وقد لا تنظر إلى اعتبارات أخرى. والسؤال الباقي هل تدخلها سيكون بعد تنازع الأطراف وإضعافها، أم سيكون قبل التنازع حتى لا يقع شيء مفاجئ؟
خليفة عباس القادم سيقترب أكثر من ( إسرائيل) جوهرا، وسينطق بوطنية فلسطينية عالية شكلا، ، وسيحرص على أن يتقرب من جميع الأطراف الفتحاوية، وأن يطمئن الجميع على مصالحه، وعلى أمانة الرئاسة وواجباتها.
إذا ما استقر الأمر للرئيس فإنه سيتشكل المستقبل في فتح من تيارين: تيار عباس وميراثه، وتيار ياسر عرفات وميراثه، وليس بمقدور أحد أن يزعم أن الميراثين واحد، ومن ثمة سيحاول الزعيم القادم الجمع بين الطرفين والميراثين لفترة ما على الأقل، لحين إحكام قبضته على المال والإعلام والقرار. لست أدري أي التيارين هو الأقوى؟!
من المرجح أن يجتمع التياران معا على استبعاد التيار الإصلاحي الذي يترأسه محمد دحلان، وربما يكون الاستبعاد هذا هو ورقة المصالحة بين الطرفين، لأن التيار الإصلاحي خطر عليهما معا. وترجح الصورة المتخيلة أن يكون الرئيس القادم من حاشية عباس، والأقرب إلى ( إسرائيل) والقادر على تنفيذ مطالبها .
الرئيس القادم ربما يظهر اهتماما بميراث ياسر عرفات ليضمن أكبر قدر من الولاءات، وربما يجمع حوله في أول الأمر رجالا من التيارين، وسيرعى هذه الحال إلى أن يتمكن من سلطة القرار والتنفيذ، وربما يبدي احتراما للديمقراطية في إعادة بناء هيكلية فتح، ومؤسسات منظمة التحرير، ثم يتجه بعدها إلى ديكتاتورية تعتمد على المال والقوة في تنفيذ قراراته داخل فتح وخارجها، وربما تكتفي الفصائل الأخرى بدور المراقب. ما تأثير هذه الصورة على حماس وعلى القضية الفلسطينية، هذا ما سيتناوله مقال قادم.
يتبع...