شكوى الوزير سفيان أبو زايدة (من حركة فتح) للمستشار القانوني لرئيس السلطة علي مهنا، يحتج فيها على قطع الرئيس لراتبه التقاعدي، ويطالب بإعادته لأنه حق خالص له بالقانون، وليس لرئيس السلطة سلطان عليه، وإنه سيلجأ إلى القانون المحلي والدولي للمطالبة بحقه القانوني في الراتب، ولن يتنازل أو يسكت عنه. هذه الشكوى الفردية في محلها وتستحق التقدير والاحترام، ووصف المشتكي لعملية قطع الراتب (بالسطو) وصف في مكانه، لأنه لا تفسير لعملية قطع الراتب التقاعدي دون مبرر غير عملية السطو والسرقة.
وإذا كان القانون الفلسطيني قد نظم عملية صرف الراتب القانوني التقاعدي للوزراء، وأعضاء المجلس التشريعي، وغيرهم من المتقاعدين، فإنه لا يجوز لأي جهة سياسية، وتنفيذية، أن تعطل هذا القانون، وأن تعطي من تشاء، وتحرم من تشاء، فالقانون فوق الجميع، والمال مال الشعب، وليس مال السلطة التنفيذية، وليس لفلان أن يرث، ولفلان ألّا يرث بناء على خلاف سياسي مع السلطة التنفيذية التي تتصرف بالمال العام؟!
قبل سنوات نصحت الأخوة أعضاء المجلس التشريعي، والوزراء المتقاعدين، من أعضاء الحكومة العاشرة والحادية عشرة برفع دعوى قضائية ضد السلطة التنفيذية، التي قطعت رواتبهم دون مبرر قانوني، وإنما لأسباب سياسية، فلم أجد حماسًا لديهم لأنهم يرون أن القانون لن ينفذ في هذه المسألة، وسينتصر المنع السياسي، كنت ضد هذا الرأي وما زلت، وقلت: إن الحق القانوني في الراتب التقاعدي يستحق شكوى السلطة التنفيذية في المحاكم المحلية والدولية، والصمت ليس حلا، لأنه يغري المخطئ في التمادي في خطئه، وهذا ما كان.
إن جرأة الوزير المتقاعد سفيان أغرتني لتجديد النصيحة، وأدعو إلى نقلها من الإطار الفردي إلى الإطار الجماعي، بحيث تشمل جميع من يعانون من مثل هذا السطو، وهذه الجريمة القانونية والأخلاقية بسبب الاختلاف في الرأي السياسي، وأدعو إلى شكوى جماعية وتوكيل محامٍ، أو مجموعة محامين، ولا بأس من تدويل المشكلة وشكاية السلطة التنفيذية أمام المحاكم الدولية أيضًا.
إن الخوف من شكاية السلطة التنفيذية يغريها على الاستبداد، ومخالفة القانون، والقانون الدولي، وأحرار العالم لا يقبلون بذلك، وستكسب فلسطين (القانون) من هذه الشكوى، كما سيكسب الأفراد. كل الاحترام لمن تمسك بحقه القانوني، وشكا ظالمًا وإن علت وظيفته.