يتساءل فايز صالحة الذي قتلت (إسرائيل) زوجته وأربعة من أطفاله، عن السبب الذي دفع السلطة لقطع المخصصات المالية التي يتقاضاها منذ استشهادهم في عدوان جيش الاحتلال عسكريًّا على قطاع غزة، نهاية 2008 ومطلع 2009.
وكانت مقاتلات جيش الاحتلال قصفت منزله الكائن في مشروع بيت لاهيا، في المحافظة الشمالية لقطاع غزة، بالقنابل وتسببت باستشهاد زوجته رندة صالحة (34 عامًا)، وأطفالها ضياء الدين (14 عامًا)، رنا (10 أعوام)، بهاء الدين (4 أعوام)، وأصغرهم رولا (عام و3 أشهر).
ويذكر صالحة تاريخ استشهادهم في 9 يناير/ كانون الثاني 2009، جيدًا، فالحدث ما زال حيًّا في ذاكرته.
وحسبما يقول صالحة الذي ليس لديه أي مصادر دخل، إنه كان يتقاضى مخصصات مالية عن كل شهيد بقيمة 1400 شيكل، وفجأة لم تصرف السلطة شيكلاً واحدًا منها.
وكان المستفيدون ماليًّا بغزة من السلطة سواء موظفون أمنيون ومدنيون أو عائلات شهداء وأسرى، فوجئ الكثير منهم بحجب أسمائهم من الرواتب التي صرفت، أول من أمس، إذ تبين أن السلطة أوقفت رواتب ومخصصات أناس جدد غير الذين قطعت رواتبهم في الأشهر الماضية.
وأضاف صالحة لصحيفة "فلسطين": المخصصات المالية هي مصدر دخلي الوحيد، وعائلتي كبيرة جدًّا، والراتب بمنزلة الروح لها.
ويعيل الرجل البالغ من العمر (55 عامًا) أسرة مكونة من عشرة أفراد بمن فيهم والدته وشقيقته، وزوجته الثانية وأبناؤها، ومن تبقى من أبناء من الزوجة الأولى.
"إن الذي قطع الراتب قطع رزقنا وأرواحنا كذلك" قال صالحة.
وطالب بإبعاد مخصصات أهالي الشهداء والأسرى عن الخلافات السياسية، مضيفًا أنه بعيد كل البعد عن الانتماءات السياسية لأي من الفصائل الفلسطينية.
وكانت تقارير إخبارية تحدثت عن نية السلطة فرض إجراءات عقابية جديدة على غزة، من ضمنها قطع رواتب آلاف الموظفين بغزة، وشملت ذوي الشهداء والأسرى.
وحسبما أفاد الناطق باسم اللجنة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى علاء البراوي، فإن عدد العائلات التي قطعت مخصصاتها المالية بلغ 1700 عائلة.
وعلى إثر هذا حاولت رئيسة مؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى انتصار الوزير، التواصل مع المسؤولين في وزارة المالية برام الله، لكن للأسف الأشخاص التي كانت تتحدث معهم أغلقوا جوالاتهم ولم يفيدوها بدوافع قطع الراتب، وفق قول البراوي لصحيفة "فلسطين".
ولاحقًا، بحسب البراوي، تبين أن السلطة أوقفت المخصص المالي لـ1700 عائلة.
والشهر الماضي، لم تصرف مالية رام الله مخصصات هذه العائلات، لكنها صرفتها بعد أيام.
وأضاف البراوي: "ليس لدينا معلومات من وزارة المالية عما إذا كان هناك قرار من قيادة السلطة بوقف هذه المخصصات".
وقال: "للأسف هم (السلطة) بدؤوا في فرض العقاب على أناس ليس لهم علاقة بالانقسام أو الخلافات السياسية ولا حتى بالانتماء الفصائلي".
واستدرك: "تثبت الدراسات التي أجريناها أن العائلات التي أوقفت السلطة مخصصاتهم ليس لهم علاقة بحركة حماس أو الجهاد الإسلامي، وينتمي عدد كبير منهم لحركة فتح ومنهم من لا ينتمي لأحد كما هو مثبت في مؤسسات الشهداء والجرحى، حتى أن هناك شهداء قضوا في ستينيات وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، قطعت المخصصات المالية لذويهم".
وعدَّ أن ذلك "إشارة كارثية تنتظر قطاع غزة من جديد بقطع رواتب أناس ضحوا بدمائهم (...) هناك خطر على القضية الفلسطينية تمارسه قيادة السلطة على من ضحوا بدمائهم من أجل فلسطين".