ليس لدي مشكلة أن تنهار السلطة الفلسطينية. المشكلة الحقيقية أن تنهار القضية الفلسطينية، وأن تتم تصفيتها. السلطة الفلسطينية لم تقدم حلا للقضية الفلسطينية. لم تفِ السلطة بكل الوعود التي وعدت بها الشعب الفلسطيني. ليس مهما هنا أن نبحث عن أسباب الفشل، وأن نحمل دولة العدو الجزء الأكبر منه، بل المهم أن يقرّ الكل الفلسطيني أن السلطة فشلت في مشروعها، وأن الفشل غير قابل للإصلاح والترميم، وعندما نجتمع نحن كفلسطينيين على فشل السلطة في تحقيق أهدافها الوطنية، نكون قد وقفنا على أرض يابسة، وعندها يمكننا المشي والركض إلى الأمام.
حين نقارب تفاصيل مخرجات السلطة منذ قيامها وحتى تاريخه ندرك أن الفشل حقيقة واقعة لا تخطئها العين، ولا يختلف فيها اثنان، ولا ينتطح فيها عنزان. الفشل في ضوء الأهداف المعلنة لقيام السلطة هو حقيبة الشعب الفلسطيني في كل بيت حضر أو مدر، في الضفة وغزة والقدس و الشتات، وليس بمكنة جهابذة المفاوضات والمنتفعين من الفشل أن يقنعوا اثنين أحمقين بمنجزات السلطة، ولهذا لا نشعر نحن كفلسطينيين بأدنى خطر من انهيار السلطة، أضف إلى ذلك أن قيامها بحسب الرؤية الإسرائيلية كان فشلا بنيويا تأسيسيا، ومن ثمة كان الحصاد هو المرّ والحنظل والخيبة، وانهيارها قد يفتح للفلسطينيين طريقا محترما للحل.
أنا لا أستغرب حين تشعر قيادات إسرائيلية بخطر انهيار السلطة على الأمن الإسرائيلي ومستقبل إسرائيل. يقول المحلل السياسي عاموس هرئيل في هآرتس:" إن انهيار السلطة يشكل تهديدا إستراتيجيا ومتعدد الأبعاد على إسرائيل". وهذا الكلام لا يبعد عن الحقيقة قيد أنملة لأن السلطة باتت عبئا على القضية، وعبئا على التحرير. إن ما هو خطر على دولة العدو، هو نعمة على الشعب الفلسطيني، وما هو كسب لإسرائيل، هو خسارة للشعب الفلسطيني حتما. كل الفلسطينيين عدا قلة من المنتفعين من الفشل لا يرون خطرا على القضية الفلسطينية إذا انهارت السلطة، لأن السلطة تعمل وكيلا عن الاحتلال، وتعيق الرؤى التقدمية الأخرى لمعالجة القضية الفلسطينية، وليس أدل على ذلك من عقوبات رام الله على غزة، وانتشار فيروس الكآبة المهلكة في غزة والضفة والقدس والشتات. لن نحزن إذا ما انهارت السلطة غدا، وعدنا لمواجهة الاحتلال بلا سلطة معيقة. والله أعلم .