الساحة الفلسطينية تعيد تشكيل نفسها. إعادة التشكيل يحكي حالة الاضطراب والحيرة والتشتت التي تعيشها الساحات الفلسطينية. الولايات المتحدة الفلسطينية تجمع ساحة الضفة، وساحة غزة، وساحة القدس، وساحة الشتات، والشتات متعدد، وساحة 48م. وهي ساحات بينها اتفاق، وبينها اختلافات، ومركز هذه الاختلافات هو رئيس السلطة ، الذي يعاني من ضعف قيادي ومن نزع التشريعي عنه الأهلية للقيادة.
من ساحة الضفة الغربية الساحة الأكبر التي تحتضن المقاطعة، يعلن عباس وحركة فتح المحيطة به عن انتهاء صلاحية حكومة رامي الحمد الله، والذهاب إلى حكومة فصائل منظمة التحرير، وهذا الذهاب أعرج ومعطوب لأن الجبهتين الديمقراطية والشعبية أعلنت الرفض والمقاطعة. عباس في حيرة هل يقيم حكومة فتح، أم يلجأ لحكومة مستقلين شكلا لا جوهرًا؟!
هل ثمة أعضاء من ساحة غزة سيكونون في الوزارة الجديدة، التي لن تضم حماس والجهاد والشعبية والديمقراطية؟! من هم هؤلاء؟! وهل بمكنتهم إرغام عباس على رفع العقوبات عن غزة، أم أنهم موظفون وفقط؟! الحيرة تسبب الاكتئاب، والحكومة القادمة التي تسكنها حيرة عباس ستكون حكومة مكتئبة، وستنشر الاكتئاب في الساحات الفلسطينية الأخرى.
غزة تذهب إلى مصر، وهي ذاهبة إلى موسكو، ومعها الفصائل الأخرى، ويلحق بها فصيل فتح، وموسكو تحاول قراءة الفنجان، عسى أن تجد طريقًا يبسًا لم تجده مصر، ولكن عباس يغرق اجتماعات موسكو بالتهديدات وبالخطوات الاستباقية، والولايات الفلسطينية لا تملك أملا كبيرا في خطوات موسكو، والسبب هو عباس وتهديداته، وفشله في جمع الولايات الفلسطينية في وحدة، أو اتحاد، بينما هو يجمع رام الله وتل أبيب في اتحاد التنسيق الأمني، والكيد لغزة، ولحماس.
إن من يفشل في جمع الولايات الفلسطينية في رؤية واحدة، ودولة واحدة، وسلطة واحدة، وهي في مساحتها مجتمعة لا تتجاوز ولاية أميركية واحدة، فإنه لا يستحق أن يكون رئيسًا ولا قائدًا، ومن يفشل في توفير الدواء والكهرباء لإحدى ولايات فلسطين لا يستحق أيضًا تشكيل حكومة جديدة باسم فلسطين، لأنه لا معنى لفلسطين بدون غزة، كما لا معنى لغزة بدون الضفة وبقية فلسطين.
المكتئب لا يرى الأمور بعين العافية، بل يراها مشوهة، لذا وجب معالجة الاكتئاب قبل تشكيل الرؤية، وتشكيل الحكومة، واسألوا الأطباء عن الأولويات، فعندهم الخبر اليقين؟!