أكدت الناشطة في تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان فريهان فراح، أن الاحتلال الإسرائيلي لم يترك حقًّا للأطفال الفلسطينيين وخاصة في مدينة القدس المحتلة إلا وقد انتهكه بشكل مباشر أو غير مباشر، مشيرة إلى أن (إسرائيل) تعُدُّ نفسها فوق القانون ولا تلتزم بأبسط الحقوق الدولية الممنوحة للأطفال.
وطوال سنوات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تعرض الأطفال الفلسطينيون لانتهاكات جسيمة هددت حياتهم الشخصية أو عائلاتهم، سواء بالقتل والإعدامات الميدانية أو الاعتقال والزج بهم في أقبية السجون وزنازين التحقيق، إضافة إلى وضع العراقيل أمام تلقي تعليمهم الأساسي أو الحصول على الرعاية الصحية الكاملة.
ويعاني أطفال القدس من سلب الاحتلال حقوقهم الأساسية المنصوص عليها في اتفاقية حقوق الطفل المقرة من الجمعيّة العامّة للأُمَم المتّحدة عام 1989م، التي تتضمن 54 مادة تكفل حقوق الأطفال، كالحق في الحياة والحرية والهوية إلى جانب التعليم والصحة.
وحول أوضاع أطفال القدس والأراضي الفلسطينية عمومًا، تتحدث الناشطة فراح لصحيفة "فلسطين" قائلة: إن على المنظمات الدولية التي رعت العديد من الاتفاقيات الخاصة بالطفل وحقوقه أن تعيد النظر كاملًا في مدى الالتزام الاحتلال به، فتوقيع الاحتلال على تلك الاتفاقيات مجرد حبر على ورق.
وأضافت فراح: "رحلة معاناة الطفل المقدسي تبدأ منذ لحظة ولادتها، بحرمان عائلته من الحصول على تأمين صحي خاص بطفلها الوليد، ثم تمنع العائلة من إضافة طفلها إلى سجلها ما لم يبلغ بعد الـ 18، فهو يعيش التمييز العنصري مبكرًا، وذلك بعكس الحقوق الممنوحة للأطفال الإسرائيليين".
وتابعت: "تتواصل انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي في رياض الأطفال ثم حقوق التعليم، حيث يعد الأطفال ضحية أساس للاستهداف الإسرائيلي الممنهج لقطاع التعليم في القدس المحتلة، الذي يواجه عدة مشكلات أبرزها غياب الدعم المالي للمدارس، والنقص الحاد في عدد الغرف المدرسية، وتكدس الطلبة داخل الصفوف، إضافة إلى مشكلة غياب الخطط التطويرية التي تواكب متطلبات كل لمرحلة".
وأوضحت فراح أن أطفال العالم يتمتعون بحقوقهم التي نصت عليها مبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان المصادق عليها دوليًّا، لكونهم غير مؤهلين جسديًّا وفكريًّا للدفاع عن حقوقهم التي كفلتها القوانين، ولكن الاحتلال يضرب بتلك الإعلانات العالمية عرض الحائط فيمارس جرائم عنصرية ضد الأطفال الفلسطينيين الأبرياء خاصة الاعتقالات التعسفية بحقهم.
وبينت أن أبرز الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال تقع خلال فترة الاعتقال، فقد يكون عرضة للتحقيق القاسي والتعذيب الجسدي والنفسي والإيذاء المعنوي، وقد يُجبرون على الاعتراف على أفعال لا ذنب لهم بها ثم إجبارهم على التوقيع على إفادات باللغة العبرية لا يعرفون مضمونها في الأساس أو طبيعة التهم الموجهة لهم.
زيف دعاية الاحتلال
وتشير التقارير الإحصائية الصادرة عن الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين إلى أن عدد الأطفال الذين أقدم الاحتلال على اعتقالهم خلال 2018 بلغ 3300 طفل وطفلة، في حين بلغ عدد الشهداء الأطفال 57 شهيدًا.
وشددت فراح على أهمية تسلح النشطاء الحقوقيين الفلسطينيين بالإرادة القوية من أجل فضح الجرائم العنصرية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، وكشف زيف الدعاية التي تحاول دولة الاحتلال أن تسوقها لنفسها عبر زعم أنها تلتزم وتحترم حقوق الطفل والمواثيق الدولية الخاصة به.
وعلقت على ذلك فراح: "قد يقول البعض: ما جدوى من إصدار التقارير والإحصاءات التي تتثبت الانتهاكات الإسرائيلية (...) ولكن هذا الأمر يسهم في خلق حالة تعاطف غير مسبوقة مع القضية الفلسطينية ويعزز قيمة القضايا التي ترفع ضد دولة الاحتلال في المحكمة الجنائية الدولية، وقبل ذلك هي جزء لا يتجزأ من المقاومة السلمية المشروعة عالميًّا".
ومما لا شك فيها أن معاناة الأطفال الفلسطينيين لا تختلف تفاصيلها كثيرًا سواء في غزة أو الضفة الغربية المحتلة نظرًا لأن المتسبب بها طرف واحد الاحتلال الإسرائيلي، ولكن الانتهاكات التي تمارس بحق الأطفال المقدسيين مضاعفة لخصوصية المكان.
وتشير المعطيات الميدانية إلى عدم التزام الاحتلال الإسرائيلي باتفاقية حقوق الأطفال.
التي تؤكد أن الأشخاص دون سن الـ18 يحتاجون إلى رعاية خاصة، وأن لكل طفل حقًّا أصيلًا في الحياة.
وورد في المادة 19 من اتفاقية حقوق الطفل أن على الدول اتخاذ كل التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من العنف والضرر والإساءة البدنية أو العقلية.