الكاتبة السعودية سهام القحطاني تغرد خارج السرب فتقول: إن وجود إسرائيل بات أمرًا واقعًا، ورفض التطبيع معها ليس إلا شعارات وجدانية ؟! أما المحلل السعودي عبد الحميد الغبين مسئول مجلة السياسي سابقا فيقول: (على دولة إسرائيل أن تجهز الفنادق، وتوسع المطارات لاستقبال العرب. أنا أول من سيقوم بزيارة لإسرائيل، ولن تجد في المستقبل القريب فندقا أو طائرة تستقبل حجوزات إلا بعد ٣ أو ٤ أشهر لأنها كلها ستكون محجوزة؟! ومن قبل دعت فجر السعيد الإعلامية الكويتية للتطبيع، واستثمار أموال الخليج في إسرائيل؟!
لوثة التطبيع مع العدو ليست لوثة فردية كما قد يحسب بعض من يقرؤون المقدمة آنفة الذكر. لوثة التطبيع الخليجية لوثة رسمية حكومية أولا. الأفراد هؤلاء دورهم هو تهيئة الرأي العام في الخليج والمملكة لتقبل الخطوات القادمة للحكومات. هؤلاء رواد التطبيع يعملون بتوجيهات من الحكومات، هم يستكشفون الطريق، ويرسمون المستقبل، لذا فإنه لا فائدة من مخاطبة حكومات الخليج والمملكة والطلب منها أن تتصدى لهذه اللوثة التي تشوه التاريخ، وميراث الأجداد، وتسير في طريق الشيطان.
إذا كانت (إسرائيل) أمرا واقعا قام على الاحتلال، وفرض نفسه في المنطقة في ظل لعبة دولية، وضعف فلسطيني وعربي، فإن الأمر الواقع لا يدوم عادة، والأحرار هم عادة من يغيرون الواقع، ولا يستسلمون للاحتلال. دولة فارس كانت أمرا واقعا، ودولة الروم كانت أمرا واقعا، فأين دولة الروم ودولة فارس. هل تقبّل المسلمون الأمر الواقع، واستسلموا له، أم غيّروه بقوة الإيمان والساعد؟! هل قبل صلاح الدين بالأمر الواقع أم حاربه وأوجد واقعا إسلاميا مكانه؟ البلاد العربية كانت تخضع لاستعمار فرنسا وبريطانيا، وكان هناك أمر واقع، لم يعترف به الثوار الأحرار، فغيروه وأقاموا دولا عربية مستقلة.
الأمر الواقع موجود عادة في أذهان العبيد فقط. أما الأحرار فهم من يصنعون الواقع، ويخلقون التاريخ، ولا يدعون فرصة لغيرهم ليصنع تاريخهم. هل كانت المملكة مثلا ستسمح باحتلال جزء من أرضها، وتتعامل مع المحتل كأمر واقع، أم كانت ستقاومه لتستعيد الجزء المحتل؟! إن قوة إسرائيل العسكرية لا تغير الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني والعربي، والقوة العسكرية تتغير وتتبدل، ولكن الحقوق ثابتة، وسيأتي اليوم الذي تزول فيه دولة العدو، وتعود فلسطين إلى الحظيرة العربية والإسلامية، وسيخسر دعاة الأمر الواقع تاريخهم وأنفسهم، لأنهم جهلوا وتجاهلوا السنن الكونية والوقائع الناريخية. ولو أنصفت القحطاني نفسها لقالت خيرا أو لصمتت؟!