في التاريخ عبرة. العودة إلى الماضي ربما يضيء الحاضر. وفي مذكرات قادة العدو إضاءات لما يقع الآن. ابن غوريون المؤسس، ورئيس الوزراء، واحد ممن يجدر قراءة أفكارهم، من نصوصهم التي كتبوها، لذا قررت أن أقدم مقتطفات من هذه النصوص:
يقول في رسالته في (5 أكتوبر 1937): " إن ما نرغبه ليس هو أن تكون البلاد وحدة موحدة، ولكن أن تكون البلد الموحدة يهودية، فأنا لن أكون سعيدا في فلسطين موحدة إن كانت عربية". "أنا من الدعاة المتحمسين للدولة اليهودية، حتى لو كان ذلك يعني تقسيم فلسطين. لأنني أعمل من منطق هو: أن دولة يهودية محدودة لن تكون هي النهاية بل البداية، فنحن عندما نحصل على ألف دونم أو على عشرة آلاف دونم نكون سعداء، لأن الحصول على الأرض مهم ليس في حد ذاته فقط، بل لأننا من خلاله نقوي أنفسنا، وكل زيادة في قوتنا الذاتية تساعدنا في الاستيلاء على البلاد بأكملها... وسوف نجلب إلى هذه الدولة جميع اليهود الذين نستطيع استيعابهم، ونحن واثقون بقدرتنا على جلب أكثر من مليوني نسمة، وسوف ننشئ اقتصادا يهوديا منوعا: زراعيا وصناعيا وبحريا. وسوف نبدأ بإنشاء قوة دفاعية ذات كفاءة: جيش من الطراز الأول، ليس لدي شك أن جيشنا سيكون من أفضل جيوش العالم، ومن ثمة يمكننا أن نستوطن في جميع أنحاء البلاد الأخرى إما عن طريق الاتفاق والتفاهم مع جيراننا العرب، أو بأية وسيلة أخرى".
"وسوف يمكننا التوغل أكثر إلى داخل البلاد عندما تكون لنا دولة، وسوف نكون أشد بأسا في مواجهة العرب، وسوف يكون بإمكاننا أن نبني بسرعة أكبر، وكلما ازدادت القوة اليهودية في داخل البلاد كلما أدرك العرب أنه يستحيل عليهم التصدي لنا، وأن لا جدوى من وراء ذلك، بل سيكون بإمكانهم الاستفادة من اليهود ليس فقط ماديا بل سياسيا". "لست أشعر بأي تناقض بين عقلي وقلبي، فكلاهما يقول: قم بإنشاء دولة يهودية فورا، حتى ولو على جزء من البلاد وليس كلها، فالبقية ستأتي مع الزمن، وذلك سوف يتم حتما".
هذه مقتطفات نصية من رسالة طويلة، ربما تحققت بكاملها على أرض الواقع، فقد قبل ابن غوريون بقرار التقسيم، وأقام (إسرائيل)، ونشر الاستيطان في أنحاء فلسطين، وأقام جيشا قويا، واقتصادا منوعا زراعيا وصناعيا، وبحريا، وابتلعت (إسرائيل) كل أرض فلسطين الانتدابية، وبدأ العرب يتعاونون معها اقتصاديا وسياسيا، وتحققت أحلامه التي أكد أنها ستتحقق حتما، وكأنه يرسم التاريخ والمستقبل. فلماذا نجح في تخطيطه، وفشل أجدادنا في مواجهته، وهم يملكون جل أرض فلسطين، ويملكون الأغلبية السكانية؟ أما عن درس القوة في هذه الرسالة فإنا نهديه إلى حركة فتح للاعتبار. إن من يتخلى عن القوة يتخلى حتما عن فلسطين رغما وكرها.