فلسطين أون لاين

​تجمد العسل وبلورته مؤشر جودة لا غش

...
غزة- صفاء عاشور:

كثيرًا ما نسمع ممن حولنا أن العسل إذا كون بعض حبيبات كالسكر أو تجمد فهو مغشوش وليس أصليًّا، لكن هذه المعلومة ليست دقيقة مطلقًا؛ فخبراء العسل يؤكدون أن بلورة العسل أو تجمده عملية طبيعية جدًّا، وليست دليلًا على أنه مغشوش أو غير أصلي.

مدير مركز فلسطين الدولي للعلاج بالنحل م. راتب سمور أكد أن العسل مادة حيوية تحتوي على فيتامينات وأنزيمات وسكريات تأتي من نباتات طبيعية؛ تتشكل بعد ذلك لتعطي شكلًا معينًا للعسل يتناسب مع مكونات جسم الإنسان.

وقال في حديث لـ"فلسطين": "إن ظاهرة تبلور العسل التي يسميها العامة "تجمد العسل" ظاهرة طبيعية خصها الله بالعسل ليكون محفوظًا وطبيعيًّا، وكأنه يحافظ على نفسه ويحافظ علينا بهذا العمل".

وأضاف سمور: "جميع أنواع العسل ممكن أن تتبلور (تتجمد)، غير أن هذا التجمد قد يحصل في أوقات مختلفة بناءً على عدة عوامل، مثل: نوع الزهر المنتج منه العسل، وظروف تخزينه، وغيرها من العوامل".

ولفت إلى أن العسل الذي لا يتجمد قد يدل على أنه قد عرض لحرارة كتسخينه أدت إلى عدم تجمده، ما أفقده بعض الخواص الطبيعية فيه، مبينًا أن تسخين العسل عملية خطيرة جدًّا ويجب الابتعاد عنها.

وذكر سمور أن السبب العلمي لتبلور (تجمد) العسل هو أن العسل محلول فوق مشبع بالسكريات، ما يجعله قابلًا للتجمد، فإذا انخفضت درجة الحرارة تقل قدرة المحلول على الإذابة، ما يفقد سكر الجلكوز الماء فيتجمد.

وتابع: "الجلكوز (سكر العنب) هو وحده الذي يتجمد وباقي السكريات تبقى في صورة سائلة، فكلما زادت بلورات الجلكوز ازداد تبلور العسل"، مشيرًا إلى أن سرعة تبلور العسل تعود إلى نسب سكر الجلكوز والفركتوز والرطوبة.

وبين أن نسبة الفركتوز 41%، والجلكوز 34%، فكلما تقاربت النسبتان زادت سرعة تبلور العسل، أما العسل غير الناضج فتزداد به نسبة سكر السكروز (سكر القصب) عن سكر الجلكوز؛ فيصبح أكثر ميلًا إلى التبلور.

وأكد سمور أن العسل الطبيعي والعسل المغشوش يمكن أن يتجمدا، وهذا ما قد يحير المستهلك، إذ من الصعب على المواطن العادي اكتشاف أهذا العسل أصلي أم مغشوش، ولا يستطيع تمييزه إلا أهل الخبرة في العسل.

وذكر أن لدى الناس اعتقادًا خطأ، هو أنه إذا تبلور العسل فهذا دليل على أنه مغشوش، لذلك يلجأ بعض التجار إلى تسخين العسل لمنع تبلوره ليتمكنوا من تسويقه، مستدركًا: "إلا أن هذه العملية تضر بقيمة العسل، وتفقده الكثير من خواصه وفوائده".

ونبه إلى اعتقاد ثانٍ خطأ، وهو أن الناس تظن أن العسل قد يفسد بسرعة، لذلك يخزنونه في الثلاجة، لافتًا إلى أن هذه العملية تسرع من عملية تبلوره أو تجمده.

ولفت سمور إلى أن سرعة تبلور العسل تختلف من نوع إلى آخر، فعسلا القطن والبرسيم هما الأسرع في التبلور، وعسل السدر الأقل سرعة في التبلور، وهذا ليس له علاقة بجودة العسل.

أما بخصوص كيفية معرفة جودة العسل فبين أنه من الصعب فحص العسل بالطرق التقليدية لمعرفة مدى جودته، وفي العادة يعتمد الناس على الثقة المتبادلة بينهم وبين النحال الذي يحصلون منه على العسل.

ونبه سمور إلى إمكانية فحص العسل في المختبرات الخاصة بذلك، بحيث تكون أقل نسبة للسكروز 0%، وأعلى نسبة 8%، وحسب المواصفات الفلسطينية إن عسل الدرجة الأولى تكون نسبة السكروز فيه 5% وأقل، وأما الدرجة الثانية فتكون من 5% إلى 8%، ونسبة الجلكوز نحو 34%، ونسبة الفركتوز 41%، والرطوبة 18%.

وأضاف: "كذلك العسل غير المبستر الذي لم يعالج بالحرارة هو عسل مثالي وذو قيمة غذائية عالية لاحتوائه على الفوائد المرجوة، أما العسل الذي يسخن ليصبح سائلًا حسب رغبة الكثير من المستهلكين؛ فإن هذه العملية تتلف العسل، وتلحق الضرر بالمستهلكين فيها بعد".

وذكر سمور أنه من الأساس يجب تخزين العسل في درجة حرارة لا تزيد على 30 درجة مئوية للمحافظة عليه دون تبلور أو تجمد، لافتًا إلى أن أي عملية بسترة للعسل ستفقده العديد من البروتينات والفيتامينات التي يحتوي عليها.

وأشار إلى أنه في حال سُخن العسل أو عُرض للإضاءة أو الشمس وقتًا طويلًا سينتج مركب يسمى هيدروكسي ميثيل فورفورال (HMF)، ويظهر هذا المركب عند تكسر جزيئات سكر الفركتوز للأسباب السابقة أو أحدها، وهو مادة مسرطنة وخطيرة جدًّا.