قد يكون مصطلح خلوة الرجل جديدًا على البعض في مجتمعنا المنفتح على العالم من خلال ما وصلت إليه التكنولوجيا، لكن الدارس للتاريخ والسيرة النبوية يجد في خلوة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم أعظم معاني تلك الخلوة التي خلالها نزلت عليه الرسالة وانطلق عقبها لتأدية الأمانة ونشر دين الحق بين جموع البشر.
وتعد خلوة الرجل المتزوج في هذا الزمن أزمة بالنسبة للزوجة التي يدب في رأسها الوسواس وتظل تترقب وتستفسر عن سر انعزال الزوج لبعض دقائق وربما لبضع ساعات في اليوم.
بعض حالات الطلاق –وهي مرتفعة وغير مسبوقة- التي أعلن عن هذا الأسبوع المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في قطاع غزة كحصيلة للعام الماضي كان بعضها يعود للخلافات والمشاكل الناتجة عن خلوة الرجل الذي كان يحاول أن يجد السبيل من أجل مواجهة مصاعب الحياة الاقتصادية وأن يؤمن حياته الكريمة.
وأسرد عليكم حالة كنت أتابعها لشاب من وسط قطاع غزة تزوج قبل عامين ولم ينجب أطفالًا ويعاني من وضع اقتصادي سيئ، وفي النهاية قرر أن ينفصل عن زوجته ليس لأنه فشل في توفير حياة كريمة لها أو لأنها عاقر والعياذ بالله، لكن بسبب مسلسل المناوشات اليومية الذي لا ينتهي.
في أحد المشاهد كان الزوج يتكئ وفي يده كتاب وذهنه شارد لبعض الوقت في بعض المسائل الحياتية.
الزوجة تداهمه كالعادة: بمن تفكر.. هل تود الزواج بأخرى؟
الزوج: هذا المسلسل لا ينتهي لديك, فمنذ أن تزوجنا وأنا أخصص بعض الوقت للقراءة والتفكير بمستقبلنا.
لزوجة: أنت صار ذهنك شاردًا عني لأني لم أنجب لك أطفالًا.
الزوج: اتقِّ الله يا بنت الناس.
الزوجة: "هات مصاري مشان نزرع ونفتك وأنت عارف المشكلة مش عندي".
الزوج: "هذه العيشة صارت تقصر العمر أنا مش راح اقعد لك بالبيت".
الزوجة: "روح لأمك خليها تزوجك وحدة ثانية".
وهكذا كانت حياة الاثنين، رغم أنه لو توفرت بعض الحنكة لدى الرجل وقليل من الصبر لدى المرأة لما انتهى مشروع الزواج بهذا المصير المفجع.
أيتها الزوجة كفي عن الظنون، أما أنت أيها الرجل لا تدع الشك والريبة تدخل إلى نفس شريكة العمر وتخسر أسرتك، كن واضحًا، صريحًا، كبير العقل، عميق الوعي.. يرحمني ويرحمك الله.