قلنا وما زلنا نقول إن خصوصية الأوضاع في غزة تفرض على قيادة غزة معادلة الأمن أولا، والأمن أخيرا، وجيد أن يتفق الشعب كل الشعب الفلسطيني على هذه المعادلة بحكم الأخطار التي تتربص به، وقد زكّى القرآن الكريم هذه المعادلة حين جمع بين الطعام والأمن رحمة وكرما، فقال: ( وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف). فالأمن صنو الطعام نحن في حاجة إليهما معا، ولكن مجتمعنا الفلسطيني يقدم الأمن على الأكل والشراب، ومن ثمة يرفض أن تكون المساعدات الدولية الإنسانية غطاء لأي من الاختراقات الأمنية، بتعاون مع إسرائيل، أو دون تعاون.
غزة حين طلبت التحقق من هوية الإيطاليين الثلاثة كانت محقة تماما، لا سيما بعد اتخاذ الشاباك الصهيوني علم الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإنسانية غطاء لقتل واغتيال قادة غزة ورجالها، والعبث بأمنها، وكان آخرها خلية خانيونس الفاشلة التي مزقت أقنعة كثيرة، وأجبرت أمن غزة على تشديد القبضة الأمنية على الجميع، لا سيما على العابرين إلى غزة تحت أعلام ومؤسسات لا تحمل ودا للمقاومة، وتقيم قياداتها في القدس أو تل أبيب.
غزة، وحماس، وغيرها من الفصائل، تؤمن بالدور الإنساني للمنظمات الدولية، وتقدم لها الاحترام والتسهيلات اللازمة، وعلى هذه المؤسسات واجبات مهمة للحصول على هذه الخدمة والتسهيلات، ومنها مقاومة خطوات الشاباك الذي لا يتوانى عن استخدام اسمها، وعلم الأمم المتحدة، في حين يخفي كاتم الصوت تحت عباءة هذه المؤسسات فيضع مصداقيتها في خطر،
ومنها التدقيق الجيد في هوية الأشخاص العاملين، وعدم توفير ملاذ آمن لمن يثبت انحرافه عن أهداف هذه المؤسسات. ومنها ضرورة التعاون المسبق أمنيا مع قيادة الأمن في غزة لمنع الأخطاء قبل وقوعها، وليس من مصلحة هذه المؤسسات تجاوز دور أجهزة الأمن في غزة بذرائع سياسية، أو غيرها. ومنها أن تقدر قيادة هذه المؤسسات طبيعة الحياة والأمن في غزة، إلى أن نتجاوز الحالة الاستثنائية التي يفرضها الاحتلال ورجال الشاباك والموساد علينا جميعا.
انتهت أزمة الإيطاليين الثلاثة، وحسبنا أن الأطراف قد أحسنت قراءة الدرس واستخلاص العبر، ونأمل ألّا يتكرر الخطأ مرة أخرى. شكرا لأجهزة الأمن، ولكل من أسهم في تجاوز الأزمة.