في مؤتمر الناطق باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام أبي عبيدة، طرح عرضًا خياليًا مفاده أن أي عميل يساهم في استدراج قوة صهيونية خاصة تتعهد المقاومة بالعفو عنه، ومكافأة مقدارها مليون دولار، وبذلك تعطي المقاومة فرصة لكل العملاء الذين سقطوا في وحل العمالة للتوبة.. فما رأي الشرع في هذا العرض المغري؟ وهل يعد إحدى الوسائل لزعزعة اليهود؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي:
رئيس لجنة الإفتاء والأستاذ المشارك في الفقه وأصوله بالجامعة الإسلامية د. زياد مقداد قال: "في البداية لا بد من التنبيه إلى خطورة ظاهرة الجاسوسية والعمالة على المجتمعات، وخاصة المحتلة منها، كالمجتمع الفلسطيني، وذلك لما يترتب عليه من كشف لأسرار المقاومة، وقصف وتدمير، واغتيالات لشخصيات قيادية مجاهدة، ما يتسبب في إضعاف المقاومة وتوهين عزائم الشعوب".
وأشار إلى أن مسألة العمالة من أخطر الجرائم في نظر الإسلام، وكثير من العلماء أصدروا حكمًا بقتل العميل إذا تسبب في قتل المجاهدين، ولذلك كان من الواجب على قيادة المقاومة أن تسعى بكل جهدها والوسائل لمحاربة الظاهرة ومواجهتها، وعلى رأسها معالجة الأسباب التي تدفع العميل وتوقع به، كالفقر، والمخدرات، والجرائم الأخلاقية.
وأضاف د. مقداد: "فالخطوة الأساسية الأولى أن تعالج القيادة الأسباب، ثم تلجأ لطرق أخرى كالتثقيف والتوعية تجاه خطورة الأمر، واستفزاز الشعور الوطني، والعمل على رفع الوازع الديني، فخطرها لا يقتصر على العقوبة الدنيوية، بل يمتد العقاب ليوم القيامة، وربما خروجه من الملة".
كما ذكر أن من أهم وسائل المعالجة فتح باب التوبة حتى لا يستمر العميل في جريمته، وهو أمر مشروع، كما ورد في جريمة المحاربة، حيث فتحه الله لمن يحاربون المجتمع المسلم ويسعون في الأرض فسادًا، كما في قوله تعالى: "إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ... إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ"، لذلك ينبغي أن تكون هناك حملات دائمة لتوعية الشباب بخطورة العمالة.
ونبه د. مقداد إلى أن العملاء الذين يأتون مختارين قبل القبض عليهم تختلف معاملتهم، فمن جاء تائبًا ومقدمًا للمعلومات يختلف في المعاملة على من يُقبض عليه، لافتًا إلى أنها إحدى وسائل المواجهة، فعندما يعلم العميل أن باب التوبة مفتوح ربما يتحرك ضميره، لأن منهم من وقع فيها بسبب ظروف استثنائية.
وبين أن عروض التوبة والمكافآت التي تقدمها قيادة المقاومة هي عروض مشروعة، ما يترتب عليها من مصالح تتمثل في تعجيل توبة العميل، وإلحاق النكاية بالأعداء، في أن أي عميل يساهم في استدراج قوة صهيونية تتعهد له المقاومة بالعفو عنه، ومكافأة مقدارها مليون دولار، كما عليهم أن يجعلوا أمره في غاية السرية، ويدمج في المجتمع دون أن يعرف الناس ماضيه.
ولفت د. مقداد إلى أن من عاد تائبًا ولو تسبب في القتل، يسقط عنه الحق العام، ويبقى الحق الخاص في المعاقبة والمعاملة، ومن وسائل المواجهة أن يضاف إلى التوبة ما يعرف بالمكافأة، خاصة إذا استطاع أن يستدرج جنودا وضباطا إسرائيليين.
وتابع حديثه: "فلا بأس من إدراج المكافأة للعملاء ضمن الوسائل المشروعة، ما دامت فيها مصلحة وتشجيع للعميل على التوبة والعودة إلى أحضان مجتمعه، فعندما يقدَّم له المال يمنعه من الاستمرار في العمالة، كما أن ذلك يشكك العدو في كل عملائه الذين يتعاملون معه لأنه يمكن أن تراودهم أنفسهم لاستدراج قوات عسكرية".
وأشار د. مقداد إلى أن عروض المكافآت زعزعت العلاقة بين مخابرات الاحتلال الإسرائيلية والعملاء، وأصبحت قائمة على الشك وعدم الثقة، فالعدو الصهيوني أكثر من يفيده في ضرب المقاومة العملاء، وذلك بتحديدهم المواقع والأشخاص، وفي النهاية يصب في تقويض الظاهرة، وشد الخناق عليها.
وذكر أن النبي عليه الصلاة والسلام كان في الغزوات والجهاد، من باب تحفيز المسلمين المجاهدين على الجهاد يقول لهم: "من قتل قتيلا فله سلبه"، فالقاتل يأخذ السلب من العدو الكافر كسلاحه ولباسه.