فلسطين أون لاين

" الرزة وعواودة" جرائم قتل طمست بالضفة.. فمن المستفيد؟

...
غزة/ يحيى اليعقوبي:

في منتصف تموز/ يوليو 2017 عُثر على جثة المُدرسة نفين عواودة (36 عامًا) مقتولة أسفل البناية السكنية التي تقطنها في بيرزيت بمحافظة رام الله، بعد اختفائها لخمسة أيام، أما إيمان حسام الرزة، مهندسة كيميائية، وجدتها عائلتها مشنوقة في شقتها بمدينة البيرة نهاية مارس/ آذار 2018.

جريمتا مقتل إيمان ونفين تسلطان الضوء على ملفين طمسا منذ وقت وقوعهما وحتى اليوم، إذ لم تصدر الجهات الرسمية التقارير النهائية حول مسار التحقيقات، فقضية الرزة حتى اليوم وفق ما أفادت عائلتها لصحيفة "فلسطين" لم يخرج تقرير رسمي حول مسار التحقيق ولا حتى على شهادة وفاة، أما جريمة مقتل عواودة فسجلت كقضية دهس تحوم أسئلة كثيرة حول رواية أجهزة أمن السلطة تقلل من مصداقيتها.

كانت إيمان الرزقة تستعد نهاية مارس 2018 للسفر إلى إيطاليا نهاية العام لإكمال رسالة الماجستير في الهندسة الكيميائية، حيث كانت تعمل مستشارة بمجال الكيمياء بأحد المصانع في أريحا، وهي تعيش بشقة خاصة بها بالبيرة منذ ثلاث سنوات، نظرًا لارتباطها بأعمال مع مصانع بمجال الكيمياء.

يوم الجمعة بتاريخ 23 مارس/ آذار الماضي، زارت عائلتها قبل يوم واحد من انقطاع الاتصال بها ومقتلها، غادرت منزل العائلة بمدينة نابلس الساعة السابعة و17 دقيقة صباحًا يوم السبت، وهو اليوم الذي قتلت فيه، وأبلغت والدتها أنها وصلت شقتها بالبيرة الواقعة بمربع أمني قريب من مقر المقاطعة الساعة التاسعة صباحًا.

عدم رد إيمان على اتصالات عائلتها دفعهم للذهاب لشقتها، فوجدتها مشنوقة ومعلقة، وكانت ترتدي ثيابًا في دلالة أن الجريمة وقعت في أثناء محاولتها الخروج من الشقة، وكانت عيونها مغلقة، ما يفند أي رواية تدعي أنها عملية انتحار، كانت معلقة مسندة إلى الحائط، أقدامها ممددة على كرسي.

طمس متعمد

اليوم مرت عدة شهور على الجريمة، يقول محسن الرزة شقيق إيمان: إن نيابة السلطة في رام الله حتى اللحظة لم تعطِ العائلة أي إفادة بخصوص مجريات التحقيقات، بحجة انشغال النائب العام أحمد براك بمتابعة قضايا تسريب العقارات بالقدس، حتى أن العائلة ومنذ مقتل إيمان في نهاية مارس/ آذار 2018 لم تستطع الحصول على شهادة وفاة.

يضيف الرزة لصحيفة "فلسطين" أن العائلة حاولت إخراج جثمان شقيقته وإرسالها لمعاهد تشريح طبية في ألمانيا بعد عدم تعاون السلطة في كشف المتورطين، لكنها تلقت تهديدا من رئيس نيابة رام الله الذي قال لوالدتها: "إذا حدا بقرب على القبر حنكسر إيده".

في 17 إبريل/ نيسان الماضي، اعتقل الاحتلال والد إيمان حسام الرزة وهو أسير محرر أمضى 18 عامًا في سجون الاحتلال، متابعًا: "كان والدي يتابع ملف مقتل شقيقتي أولًا بأول ووصل لأشخاص مشتبه بهم".

يستغرب الرزة من تزامن اعتقال والده مع موعد مقابلته مع النائب العام، مردفًا: "الاحتلال سجن والدي لإكمال مسلسل طمس الملف، وإلى اليوم يقومون بتحويلنا من مدعٍ عام إلى مدعم عام أو رئيس نيابة آخر ولم يتقدم أو يتحرك الملف خطوة واحدة".

ومن الدلائل على تعمد طمس الملف، كما يضيف الرزة، هو قيام الاحتلال باعتقال ثلاثة شبان رافقوه وساعدوه في تفقد شقة شقيقته لحظة الجريمة، وذلك لإخفاء جريمة "الاغتيال".

وبين أنه خلال الفترة الأخيرة تفاجأت العائلة بعدم قيام النيابة حتى بفتح هاتف إيمان ومتابعة آخر سجلات المكالمة، وأن وكيل نيابة رام الله مؤخرًا أبلغه أنهم سيقومون بفتح الهاتف خلال الفترة المقبلة، مستدركًا: "يوم وقوع الجريمة اقترحت على أجهزة السلطة بأن يفتحوا الهاتف من خلال بصمة أصبعها لفتح السجلات، لكن رفضوا ذلك".

مشكلة مع التنظيم

فيما عُثر على عواودة مقتولة أسفل البناية السكنية التي تقطنها في مدينة بيرزيت بمحافظة رام الله في منتصف يوليو/ تموز 2017، وذلك بعد اختفائها لمدة خمسة أيام، فقد بدأت مشكلتها قبل أربعة أعوام من الحادثة عندما اكتشفت فسادًا إداريًا وماليًا بالمدرسة الثانوية التي تقع في منطقة دورا بالخليل، وحاولت مواجهة الأمر الذي ما لبث أن فجر خلافا بينها وبين إدارة المدرسة.

إدارة المدرسة وبدعمٍ من مجموعة من أمناء حركة فتح وضباط بالأمن الوقائي، قاموا بتهديدها، كما تحدثت عواودة عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وبأن تلك الجهات زرعت برامج تجسس في حاسوبها الشخصي، وبدؤوا بتشويه سمعتها وتلفيق تسجيلات صوتية لها، ما دفعها للاستقالة، وتقديم شكاوى إلى وزارة التربية والتعليم، ووحدة مكافحة الفساد، وهيئة القضاء العسكري.

المتحدث باسم أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية المحتلة عدنان الضميري أعلن حينهاعن ملابسات مقتل عواودة، وذكر بمؤتمر صحفي أن قاتل عواودة هو شاب عشريني من محافظة رام الله يعمل سائقًا على طريق رام الله-بيرزيت، ونفذ جريمته بدهسها على طريق المزرعة الغربية شمال رام الله.

رواية لم تقنع والد نفين وعائلتها والكثير من ناشطي مواقع التواصل وأثارت ردود فعل غاضبة، وأن تفاصيل رواية الدهس تتعارض مع طبيعة مكان الحادثة، حينها تساءل المهندس فايز السويطي رئيس جمعية "يدًا بيد نحو وطنٍ خالٍ من الفساد": "هل الطب الشرعي في فلسطين ضعيف لدرجة أنه لا يميز بين الدهس والسقوط من علو"؟.

وهكذا تستمر قضايا القتل تطمس تحت عنوان مجهول الهوية ليبقى السؤال: من المستفيد من إخفاء الأدلة لكشف المتورطين؟