يشير ما جاء بمؤتمر كتائب القسام إلى حجم التجهيزات الكبيرة التي أعدها جيش الاحتلال لاختراق المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، واتجاهات جهوده الاستخبارية التي تظهر الأحداث الأخيرة أن مجال الاتصالات والتواصل في صدارتها.
وكشفت كتائب القسام خلال مؤتمر صحفي مساء أمس بعضًا من التفاصيل "التي سُمح بنشرها" من نتائج التحقيقات في عملية "حد السيف"، في أعقاب تسلل قوة إسرائيلية خاصة إلى قطاع غزة في 11 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بعد عملية استعداد امتدت لأشهر تحت غطاء جمعية إغاثية وبأسماء عائلات غزية.
لكن كل ذلك كان نتاجه الفشل، إذ لم تستطع تلك القوة الخاصة الإسرائيلية المكوث في غزةأكثر من ساعات عدة، قبل كشف قوة أمنية تتبع كتائب القسام أمرها، حيث قتلت قائد الوحدة وأصابت آخر في اشتباك مسلح استدعى تدخل الطيران الحربي الإسرائيلي لإخراج الوحدة المهددة بالأسر.
ويرى المختص في الشأن العسكري رامي أبو زبيدة أن القسام استخدمت مبدأ العقل مقابل القوة المتفوقة لجيش الاحتلال، إذ تمكنت استخبارات الكتائب من عرقلة القوة ومنع خططها السرية ومباغتتها، مشيرًا إلى أن المعلومات التي عرضها المؤتمر واضح أنها أُعدت ورُتِّبت وانتُقيت كلماتها بدقة، بحيث تزيد حيرة الاحتلال بشأن من تحصّلت عليه القسام.
وأشار أبو زبيدة لصحيفة "فلسطين" إلى أن القسام باتت تعي مخططات الاحتلال وحيله وما يدبره ضد المقاومة وغيرها، ومن ثم السعي لإفشالها، وتقدر نقاط ضعف الاحتلال والإحاطة بالمعلومات عنه، ما يسهِّل التخطيط لاستغفاله ومباغتته والهجوم عليه من حيث لا يحتسب.
وذكر أبو زبيدة أن المؤتمر لفت إلى إمكانية تنفيذ عمليات سرية مباغتة ضد الاحتلال الغرض منها إفشال أو تأخير مخططاته عبر توظيف العملاء وتحديد القسام مليون دولار مكافأة لأي عميل يستدرج قوة إسرائيلية خاصة لأسرها بغزة.
ويصف ما حققته المقاومة بأنه "نصر كبير" يحسب لها، إذ استطاعت من خلال الجهد والمصادر البشرية والفنية الاستحواذ على معلومات ثمينة تمكنها من توجيه ضربات للاحتلال مستقبلا، والتأثير على الأجواء الداخلية الإسرائيلية، واستخدام أساليب الحرب النفسية وبث الصور، ما يؤدي إلى ارتباك المجتمع الإسرائيلي، في ظل الفشل الكبير الذي منيت به قوات النخبة الإسرائيلية الخاصة.
إفشال مخطط كبير
ومن وجهة نظر المختص في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي فإن ما كشفته كتائب القسام في مؤتمرها الصحفي يؤكد إفشال القسام مخططًا أمنيًا واستخباريًا ضخمًا استمر التجهيز له نحو عام وسخرت له مبالغ ضخمة وتجهيزات وتدريبات وبنية تحتية كبيرة للوصول لمراكز السيطرة والاتصال الخاصة بقيادة القسام.
ويرى الرفاتي في حديث لصحيفة "فلسطين" أن ما عرضه المؤتمر يظهر حجم الكنز الأمني والاستخباري الذي حصلت عليه القسام، ومكنها من تفكيك مخطط أمني كبير له أبعاد خطيرة على المقاومة ومستقبل أي مواجهة.
ويعتقد أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشاباك" وشعبة الاستخبارات الإسرائيلية "أمان" سخرا الكثير من الجهود بتجنيد الكثير من العملاء لضمان تنفيذ العملية والإحاطة بجميع التحركات المطلوبة لإنجاحها، مستدركا: "لكن المقاومة استطاعت كشف العملية وإفشالها، ومن ناحية أخرى كشف آليات العمل الأمنية والسرية التي يستخدمها الاحتلال في غزة، والوصول لعدد كبير من العملاء".
ورغم التخطيط الكبير للعملية، وفق الرفاتي، فإن الاحتلال مُني بفشل كبير، إذ إنه عندما يخطط لعملية أمنية يدرسها من جميع الجوانب والمستويات، وسقوط العملية يمثل درجة كبيرة من الفشل للاحتلال بعدم استطاعته تجاوز العقبات الأمنية للمقاومة.
وفي حين يجيب المحلل في الشأن الإسرائيلي د. نظير مجلي عن تأثير العملية على مجريات المشهد الإسرائيلي المقبل على انتخابات في ربيع هذا العام بالقول، إن حكومة الاحتلال ستبذل كل ما بوسعها لطمس النتائج والمعلومات المنشورة، وإبراز المصلحة الإسرائيلية حتى لا تؤثر في الانتخابات الداخلية المقبلة، لكن هذه التفاصيل بالإضافة لتراكمات إنجازات المقاومة سيكون لها تأثير في مجريات الانتخابات الإسرائيلية.
وأشار مجلي لصحيفة "فلسطين" إلى أن كشف القسام القوةَ الخاصة فاجأ قيادة الاحتلال التي كان كل همها بعد اكتشاف أمرها تسخير كل قوة جيش الاحتلال لإخراجها من غزة، ولكن يبدوأنهم لم يستطيعوا تدمير كل المعدات، فضلا عن أن مؤتمر القسام يشير إلى توافر معلومات تحصلت عليها من أجهزة تقنية اعتقد الاحتلال تدميرها في القصف الجوي على غزة.