الم يستقل ليبرمان من الحكومة ووزارة الدفاع التي أصرّ على توليها بسبب الأموال القطرية التي دخلت إلى غزة. الأموال القطرية كانت جزءا من عملية التهدئة التي تابعها ليبرمان من خلال وزارة الدفاع، وكان حريصا على إنجازها. أي أن الأموال القطرية دخلت لغزة بموافقة ليبرمان، الذي يزايد عليها الآن ويزعم أنها كانت سببًا في استقالته. ليبرمان ظاهرة صوتية، يدعي الخبرة، والقدرة، وهو في الحقيقة فشل فشلا ذريعا في إدارة وزارة دفاع العدو.
إن أبرز أعمال الفشل التي يتحمل مسئوليتها ليبرمان، هو فشل وحدات الأجهزة الأمنية الخاصة في شرق خانيونس. عملية خانيونس التجسسية العملية الأعقد أمنيًّا في غزة منذ الاحتلال. وهي العملية الأكثر تطورًا وتقنية، وتهدف إلى التنصت المباشر على اتصالات حماس والقسام وتصفية القيادات العسكرية والأمنية. إن خطورة العملية، وخطورة تعقيداتها التقنية، جعلت الأجهزة الأمنية الصهيونية تذهب إلى العملية وحدها دون الاستعانة بالعملاء المحليين.
ربما كانت قيادة العدو تخشى العميل المزدوج، وتخشى أن تضع بين يديه الأجهزة التجسسية الأكثر تطورًا في العالم، ومن ثمة غامرت بعناصر إسرائيلية كاملة للقيام بهذه العملية كما أوضح القسام في المؤتمر الصحفي. العناصر التي شاركت في العملية المعقدة تلقت تدريبا خاصا على مدى ثمانية أشهر أو أكثر، وتزودت بكل الوثائق الفلسطينية المطلوبة للتعمية والتمويه، وتغطت بعمل إنساني صحي له واقع ملموس، وبعضهم دخل من معبر بيت حانون ( إيرز) في إطار مؤسسة دولية تقدم خدمات صحية وإنسانية.
كل شيء كان معدًّا على الورق بشكل دقيق لكي يتحقق النجاح، وكان ليبرمان يشرف على العملية، التي رهن مستقبله في وزارة الدفاع بها. كل شيء كان يقول: إن النجاح مؤكد، غير أن إرادة الله، وتوكل القسام على الله، مع اليقظة والأخذ بالأسباب، أحبطت العملية، حيث قتل القسام قائد الوحدة، ولولا تدخل الجيش، والطيران، والمدفعية، لوقع جميع أفراد الوحدة الأمنية وعددهم خمسة عشر أسيرًا في قبضة القسام.
إن من أهم تداعيات فشل العملية الأمنية استقالة ليبرمان، وتحطم آماله بالعودة إلى وزارة الدفاع، ثم اعتقال وزارة الداخلية لخمسة وأربعين عميلا متخابرا مع العدو، ثم توالت الطلبات الإقليمية على حماس للتعرف إلى المعلومات والأجهزة الأمنية المستخدمة، ودور هذه الخلية وأمثالها في الدول العربية.
مؤتمر القسام الأخير في رأيي لم يفصح عن كل ما لديه من معلومات وأجهزة، و اكتفى بوصفها بالكنز الاستخباري، ومن ثمة زاد شوقنا للتعرف إلى هذا الكنز، الذي أخرج ليبرمان مهانًا، وكشف عورة الأجهزة الأمنية التي يفتخر بها العدو، والذي يدعي أنها تعمل في كل العواصم؟!